للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال «١» : أكلت حيّة بيض مكّاء «٢» فجعل المكّاء يشرشر على رأسها ويدنو منها، حتى إذا فتحت فاها تريده وهمّت به ألقى فيه حسكة، فلم يزل يلقي فيه حسكة بعد حسكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت.

وأنشد ابن الأعرابيّ عند هذا الحديث قول الشاعر: [من الطويل]

كأنّ لكلّ عند كلّ سخيمة ... يريد بتخريق الأديم استلالها

وأنشد أبو عمرو الشيباني بيت شعر، وهو هذا المعنى بعينه، وهو قول الأسديّ الدّبيريّ: [من البسيط]

إن كنت أبصرتني فذّا ومصطلما ... فربّما قتل المكّاء ثعبانا

يقول: قد يظفر القليل بالكثير. والقليل الأعوان بالكثير الأعوان؛ والمكّاء من أصغر الطير وأضعفه، وقد احتال للثّعبان حتّى قتله.

٢٠٠١-[قول جالينوس في معرفة أنثى الطير]

وقال جالينوس في الإخبار عن معارف البهائم والطير، وفي التعجّب من ذلك وتعجب الناس منه: قولوا لي: من علّم النسر الأنثى إذا خافت على بيضها وفراخها الخفافيش أن تفرش ذلك الوكر بورق الدّلب «٣» حتى لا تقربه الخفافيش. وهذا أعجب، والأطباء والعلماء لا يتدافعونه، والنّسور هي المنسوبة إلى قلّة المعرفة والكيس والفطنة.

٢٠٠٢-[حزم فرخ العقاب] «٤»

وقال ابن الأعرابيّ وأبو الحسن المدائني: قال رجل من الأعراب: «كان سنان بن أبي حارثة أحزم من فرخ العقاب» . وذلك أنّ جوارح الطير تتخذ أو كارها في عرض الجبال، فربّما كان الجبل عمودا، فلو تحرّك الفرخ إذا طلب الطعم وقد أقبل إليه أبواه أو أحدهما وزاد في حركته شيئا من موضع مجثمه لهوى من رأس الجبل إلى الحضيض، وهو يعرف مع صغره وضعفه وقلّة تجربته، أنّ الصواب في ترك الحركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>