للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصافير وذبّان ودود ... وأجرأ من مجلّحة الذئاب

ولولا أنّ تفسير هذا قد مرّ في باب القول في العصافير في كتاب الحيوان لقلنا في ذلك.

[باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق]

الذئب لا يطمع فيه صاحبه، فإذا دمي وثب عليه صاحبه فأكله «١» ، وإذا عضّ الذّئب شاة فأفلتت منه بضرب من الضروب، فإنّ عادة الغنم إذا وجدت ريح الدّم أن تشمّ موضع أنياب الذئب، وليس عندها عند ذلك إلّا أن ينضمّ بعضها إلى بعض؛ ولذلك قال جرير «٢» لعمر بن لجأ التّيميّ: [من الطويل]

فلا يضغمنّ اللّيث تيما بغرّة ... وتيم يشمّون الفريس المنيّبا

فذكر أنّهم كالغنم في العجز والجبن. وإذا دمي الحمار ألقى نفسه إلى الأرض وامتنع ممن يريده بالعضّ وبكلّ ما قدر عليه، غير أنه لا ينهض ولا يبرح مكانه. وإذا أصاب الأسد خدش أو شحطة «٣» بعد أن يدمى مكانه فإنّ ذبّان الأسد تلحّ عليه، ولا تقلع عنه أبدا حتى تقتله.

وللأسود ذبّان على حدة، وكذلك الكلاب، وكذلك الحمير، وكذلك الإبل، وكذلك الناس.

وإذا دمي الإنسان وشمّ الذئب منه ريح الدّم فما أقلّ من ينجو منه «٤» ؛ وإن كان أشدّ الناس بدنا وقلبا، وأتمّهم سلاحا، وأثقفهم ثقافة.

وإذا دمي الببر استكلب فخافه كلّ شيء كان يسالمه من كبار السّباع كالأسود والنّمور، والببر على خلاف جميع ما حكينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>