للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أصاب الحية خدش فإنّ الذرّ يطالبه أشدّ الطلب، فلا يكاد ينجو، ولا يعرف ذلك إلا في الفرط.

وإذا عضّ الإنسان الكلب الكلب فإنّ الفأر يطالبه ليبول عليه، وفيه هلكته، فهو يحتال له بكلّ حيلة.

وربما أغدّ البعير فلا يعرف ذلك الجمّال حتى يرى الذّبّان يطالبه.

وإذا وضعت الذّئبة جروها فإنه يكون حينئذ ملتزق الأعضاء أمعط كأنه قطعة لحم، وتعلم الذّئبة أنّ الذرّ يطالبه، فلا تزال رافعة له بيديها، ومحوّلة له من مكان إلى مكان، حتى تفرج الأعضاء، ويشتدّ اللحم.

وإذا وضعت الهرّة جروها فإن طرحوا لها لحما من ساعتها أو روبة «١» أو بعض ما يشبه ذلك فأكلته، لم تكد تأكل أجراءها، لأنّ الهرة يعتريها عند ذلك جوع وجنون وخفّة.

والأجناس التي تحدث لها قوّة على غير سبب يعرف في تقدير الرأي منها الذّئب الضعيف الواثب على الذّئب القويّ إذا رأى عليه دما، والهرّة إذا سفدها الهرّ، فإنها عند ذلك تشدّ عليه وهي واثقة باستخذائه لها، وفضل قوّتها عليه، والجرذ إذا خصي فإنّه يأكل الجرذان أكلا ذريعا ولا يقوم له شيء منها «٢» .

فأمّا الفيل والكركدّن والجمل، عند الاغتلام وطلب الضّراب، فإنها وإن تركت الشّرب والأكل الأيّام الكثيرة فإنّه لا يقوم لشيء منها شيء من ذلك الجنس وإن كان قويّا شابا آكلا شاربا.

وأمّا الغيران والغضبان والسّكران والمعاين للحرب، فهم يختلفون في ذلك على علل قد ذكرناها في القول في فضيلة الملك على الإنسان. والإنسان على الجانّ. فإن أردته فالتمسه هناك. فإنّ إعادة الأحاديث الطوال والكلام الكثير مما يهجر في السّماع، ويهجّن الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>