للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبذى إذا بوذيت من كلب ذكر ... أسود قزّاح يعوّي في السّحر

وإنّما ذلك شكل من شكل الجبن، وكالذي يعتري نساء السّفلة من الصخب.

٢١٢-[جبن الكلب]

والكلب جبان وفيه جرأة ولؤم. ولو كان شجاعا وفيه بعض التهيّب كان أمثل.

ومن فرط الجبن أنّه يفزع من كلّ شيء وينبحه.

والبرذون ربّما رمح البرذون مبتدئا، وقلق وصهل صهيلا في اختلاط، وليس ذلك من فضل قوّة يجدها في نفسه على المرموح، ولكنّه يكون جبانا، فإذا رأى البرذون الذي يظنّ أنّه يعجز عنه أراه الجبن أنّه واقع به، فعندها يقلق وإذا قلق رمح.

وهذه العلّة تعرض للمجنون؛ فإنّ المجنون الذي تستولي عليه السّوداء، ربما وثب على من لا يعرفه. وليس ذلك إلّا لأنّ المرّة أو همته أنّه يريده بسوء، وأنّ الرأي أن يبدأه بالضرب. وعلى مثل ذلك يرمي بنفسه في الماء والنار.

٢١٣-[نفي اللحن عن النظام]

فأمّا الذي شهدت أنا من أبي إسحاق بن سيّار النظّام، فإنّا خرجنا ليلة في بعض طرقات الأبلّة، وتقدّمته شيئا، وألح عليه كلب من شكل كلاب الرّعاء، وكره أن يعدو فيغريه ويضرّيه «١» ، وأنف أيضا من ذلك- وكان أنفا شديد الشّكيمة أبّاء للهضيمة- وكره أن يجلس مخافة أن يشغر عليه أو لعلّه أن يعضّه فيهرت ثوبه، وألحّ عليه فلم ينله بسوء. فلمّا جزنا حدّه وتخلّصنا منه، قال إبراهيم في كلام له كثير، يعدّد خصاله المذمومة، فكان آخر كلامه أن قال: إن كنت سبع فاذهب مع السّباع، وعليك بالبراري والغياض، وإن كنت بهيمة فاسكت عنّا سكوت البهائم! ولا تنكر قولي وحياتي عنه بقول ملحون. من قولي: «إن كنت سبع» ولم أقل «إن كنت سبعا» !

٢١٤-[الإعراب واللحن]

وأنا أقول: إنّ الإعراب يفسد نوادر المولّدين، كما أنّ اللحن يفسد كلام الأعراب «٢» ؛ لأنّ سامع ذلك الكلام إنّما أعجبته تلك الصورة وذلك المخرج، وتلك

<<  <  ج: ص:  >  >>