للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الدّهر، معنى. وإلّا فالنّاس في جميع أقطار الأرض لا يجمعون على مسالمة أصحاب المعاصي، الذين قد خلعوا عذرهم وأبرزوا صفحتهم. بل ما ترى خصما يطعن على شاهد عند قاض بأنّ في داره كلبا، ولا ترى حكما يردّ بذلك شهادة. بل لو كان اتّخاذ الكلاب مأمورا به، لما كان إلّا كذلك.

ولو أنّكم حملتم حكم جميع الهداهد على حكم هدهد سليمان «١» ، وجميع الغربان على حكم غراب نوح «٢» ، وجميع الحمام على حكم حمامة السفينة «٣» ، وجميع الذئاب على حكم ذئب أهبان بن أوس، وجميع الحمير على حكم حمار عزير «٤» - لكان ذلك حكما مردودا.

٢٢٧-[أمور حدثت في دهر الأنبياء]

وقد نعرض لخصائص الأمور أسباب في دهر الأنبياء ونزول الوحي، لا يعرض مثلها في غير زمانهم «٥» : قد كان جبريل عليه السلام يمشي في الأرض على صورة دحية الكلبيّ، وكان إبليس يتراءى في السّكك في صورة سراقة المدلجي، وظهر في صورة الشيخ النّجدي. ومثل هذا كثير.

٢٢٨-[ما يسمى شيطانا وليس به]

فإن زعمتم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يتبع حماما طيّارا فقال: «شيطان يتبع شيطانا» ، فخبّرونا عمن يتخذ الحمام من بين جميع سكان الآفاق ونازلة البلدان من الحرميّين والبصريّين ومن بني هاشم إلى من دونهم، أتزعمون أنّهم شياطين على الحقيقة، وأنّهم من نجل الشياطين؛ أو تزعمون أنّهم كانوا إنسا فمسخوا بعد جنّا؛ أم يكون قوله لذلك الرجل شيطان، على مثل قوله شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ

وعلى قول عمر: لأنزعنّ شيطانه من نعرته «٦» ، وعلى قول منظور بن رواحة: [من الطويل]

فلما أتاني ما تقول ترقّصت ... شياطين رأسي وانتشين من الخمر «٧»

<<  <  ج: ص:  >  >>