للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصفون ذلك الوادي. ومعنى الويل في كلام العرب معروف، وكيف كان في الجاهليّة قبل الإسلام، وهو من أشهر كلامهم! وسئلوا عن قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ

«١» قالوا: الفلق: واد في جهنم، ثمّ قعدوا يصفونه. وقال آخرون: الفلق: المقطرة بلغة اليمن.

وقال آخرون في قوله تعالى: عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا

«٢» قالوا: أخطأ من وصل بعض هذه الكلمة ببعض. قالوا: وإنّما هي: سل سبيلا إليها يا محمد. فإن كان كما قالوا فأين معنى تسمّى، وعلى أيّ شيء وقع قوله تسمّى فتسمّى ماذا، وما ذلك الشيء؟

وقالوا في قوله تعالى: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا

«٣» قالوا الجلود كناية عن الفروج. كأنه كان لا يرى أنّ كلام الجلد من أعجب العجب! وقالوا في قوله تعالى: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ

«٤» : إنّ هذا إنّما كان كناية عن الغائط. كأنه لا يرى أنّ في الجوع وما ينال أهله من الذّلّة والعجز والفاقة، وأنّه ليس في الحاجة إلى الغذاء- ما يكتفى به في الدّلالة على أنّهما مخلوقان، حتّى يدّعي على الكلام ويدّعي له شيئا قد أغناه الله تعالى عنه.

وقالوا في قوله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ

«٥» : إنّه إنما عنى قلبه.

ومن أعجب التأويل قول اللّحياني: (الجبّار) من الرجال يكون على وجوه:

يكون جبّارا في الضّخم والقوّة، فتأوّل قوله تعالى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ

«٦» قال:

ويكون جبّارا على معنى قتّالا، وتأوّل في ذلك: وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ

«٧» ، وقوله لموسى صلى الله عليه وسلم: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ

«٨» أي قتّالا بغير حقّ.

والجبار: المتكبّر عن عبادة الله تعالى، وتأوّل قوله عزّ وجلّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>