للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومناقب، ولم يسلّموا من أن يهجوا ويضرب بهم المثل، ولعلّ أيضا أن تتفق لهم أشعار تتصل بمحبة الرواة، وأمثال تسير على ألسنة العلماء، فيصير حينئذ من لا خير فيه ولا شرّ، أمثل حالا في العامّة، ممّن فيه الفضل الكثير وبعض النقص، ولا سيّما إذا جاوروا من يأكلهم وحالفوا من لا ينصفهم، كما لقيت غنيّ أو باهلة.

ولو أنّ عبسا أقامت في بني عامر ضعف ما أقامت؛ لذهب شطر شرفها؛ ولكنّ قيس بن زهير لمّا رأى دلائل الشرّ قال لأصحابه: الذلّ في بني غطفان خير من العزّ في بني عامر! وقد يكون القوم حلولا مع بني أعمامهم، فإذا رأوا فضلهم عليهم حسدوهم وإن تركوا شيئا من إنصافهم اشتدّ ذلك عليهم وتعاظمهم، بأكثر من قدره، فدعاهم ذلك إلى الخروج منهم إلى أعدائهم. فإذا صاروا إلى آخرين نهكوهم وحملوا عليهم، فوق الذي كانوا فيه من بني أعمامهم، حتى يدعوهم ذلك إلى النّدم على مفارقتهم، فلا يستطيعون الرّجوع، حمية واتقاء، ومخافة أن يعودوا لهم إلى شيء مما كانوا عليه، وإلى المقام في حلفائهم الذين يرون من احتقارهم، ومن شدّة الصّولة عليهم.

٢٥٥-[بكل واد بنو سعد]

وقد خرج الأضبط بن قريع السّعديّ من بني سعد، فجاوز ناسا، فلما رأى مذهبهم وظلمهم ونهكهم، قال: «بكلّ واد بنو سعد!» »

، فأرسلها مثلا.

وقد كان عبّاس بن ريطة الرّعلي سيّد بني سليم، وقد ناله ضيم في بعض الأمر، فأبى الضّيم، فلما حاول مفارقتهم إلى بني غنم عزّ عليه فقال في كلمة له: [من الطويل]

وأمّكم تزجي التؤام لبعلها ... وأمّ أخيكم كزّة الرّحم عاقر

وزعموا أنّ أبا عمرو أنشد هذا الشعر، وخبّر عن هذه القصّة في يوم من أيامه، فدمعت عينه، فحلف شبيل بن عزرة بالطلاق: إنّه لعربيّ في الحقيقة لغيّة أو لرشدة!

٢٥٦-[قبائل في شطرها خير كثير وفي الشطر الآخر شرف وضعة]

فمن القبائل المتقادمة الميلاد التي في شطرها خير كثير، وفي الشطر الآخر شرف وضعة، مثل قبائل غطفان وقيس عيلان، ومثل فزارة ومرّة وثعلبة. ومثل عبس

<<  <  ج: ص:  >  >>