للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبد الله بن غطفان، ثم غنيّ وباهلة، واليعسوب والطفاوة فالشرف والخطر في عبس وذبيان، والمبتلى والملقّى والمحروم والمظلوم، مثل باهلة وغنيّ، ممّا لقيت من صوائب سهام الشعراء، وحتّى كأنّهم آلة لمدارج الأقدام، ينكب فيها كلّ ساع، ويعثر بها كلّ ماش. وربّما ذكروا اليعسوب والطفاوة، وهاربة البقعاء «١» وأشجع الخنثى ببعض الذّكر. وذلك مشهور في خصائص العلماء ولا يجوز ذلك صدورهم. وجلّ معظم البلاء لم يقع إلّا بغنيّ وباهلة، وهم أرفع من هؤلاء وأكثر فضولا ومناقب، حتى صار من لا خير فيه ولا شرّ عنده أحسن حالا ممّن فيه الخير الكثير وبعض الشرّ، وصار مثلهم كما قال الشاعر: [من البسيط]

اضرب ندى طلحة الطّلحات مبتدئا ... ببخل أشعث واستثبت وكن حكما «٢»

تخرج خزاعة من لؤم ومن كرم ... ولا تعدّ لها لؤما ولا كرما

وقد ظرف في شعره فظلم خزاعة ظلما عبقريّا.

وقال في مثل ذلك الأشعر الرّقبان الأسديّ: [من المتقارب]

بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنّك فيهم غنيّ مضرّ «٣»

وأنت مليخ كلحم الحوار ... فلا أنت حلو ولا أنت مرّ

وكما قال الشاعر في علباء بن حبيب حيث يقول: [من الهزج]

أرى العلباء كالعلباء ... لا حلو ولا مرّ

شييخ من بني الجارو ... دلا خير ولا شرّ «٤»

فهذا ونحوه من أشدّ الهجاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>