للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوارشين حمام كلّه، قلنا: إنّا نزعم أنّ ذكورة التّدارج وذكورة القبج، وذكورة الحجل ديوك كلها. فإن كان ذلك كذلك، فالفخر بالطّوق نحن أولى به.

قال صاحب الحمام [١] : العرب تسمّي هذه الأجناس كلها حماما، فجمعوها بالاسم العامّ، وفرّقوها بالاسم الخاص، ورأينا صورها متشابهة، وإن كان في الأجسام بعض الاختلاف، وفي الجثث بعض الائتلاف وكذلك المناقير. ووجدناها تتشابه من طريق الزّواج، ومن طريق الدّعاء والغناء والنّوح، وكذلك هي في القدود وصور الأعناق، وقصب الريش، وصيغة الرّؤوس والأرجل والسّوق والبراثن.

والأجناس التي عددتم ليس يجمعها اسم ولا بلدة، ولا صورة ولا زواج. وليس بين الدّيكة وبين تلك الذّكورة نسب إلّا أنّها من الطّير الموصوفة بكثرة السّفاد، وأنّ فراخها وفراريجها تخرج من بيضها كاسية كاسبه. والبطّ طائر مثقل، وقد ينبغي أن تجعلوا فرخ البطّة فرّوجا، والأنثى دجاجة والذّكر ديكا، ونحن نجد الحمام، ونجد الوراشين، تتسافد وتتلاقح، ويجيء منها الراعبيّ والوردانيّ؛ ونجد الفواخت والقماريّ تتسافد وتتلاقح، مع ما ذكرنا من التشابه في تلك الوجوه. وهذا كلّه يدلّ على أنّ بعضها مع بعض كالبخت والعراب ونتائج ما بينهما، وكالبراذين والعتاق، وكلها خيل، وتلك كلها إبل. وليس بين التّدارج والقبج والحجل والدّجاج هذه الأمور التي ذكرنا.

وعلى أنّا قد وجدنا الأطواق عامّة في ذوات الأوضاح من الحمام، لأنّ فيها من الألوان، ولها من الشّيات وأشكال وألوان الريش ما ليس لغيرها من الطّير. ولو احتججنا بالتّسافد دون التّلاقح، لكان لقائل مقال، ولكنّا وجدناها تجمع الخصلتين، لأنّا قد نجد سفهاء النّاس، ومن لا يتقّذر من الناس والأحداث ومن تشتدّ غلمته عند احتلامه، ويقلّ طروقه، وتطول عزبته؛ كالمعزب من الرّعاء فإنّ هذه الطّبقة من النّاس، لم يدعوا ناقة، ولا بقرة، ولا شاة، ولا أتانا، ولا رمكة، ولا حجرا، ولا كلبة، إلّا وقد وقعوا عليها.

ولولا أنّ في نفوس النّاس وشهواتهم ما يدعو إلى هذه القاذورة، لما وجدت هذا العمل شائعا في أهل هذه الصفة، ولو جمعتهم لجمعت أكثر من أهل بغداد والبصرة. ثم لم يلقح واحد منهم شيئا من هذه الأجناس على أنّ بعض هذه الأجناس يتلقى ذلك بالشّهوة المفرطة.


[١] ثمار القلوب (٦٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>