للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٥٠-[حمام واسط]

وأما أبو أحمد التمار المتكلم، فإنّه شاهد صاحب حمام في يوم مجيء حمامه من واسط، وكانت واسط يومئذ الغاية، فرآه كلما أقبل طائر من حمامه نعر [١] ورقص، فقال له: والله إني لأرى منك عجبا؛ أراك تفرح بأن جاءك حمام من واسط، وهو ذلك الذي كان، وهو الذي جاء. وهو الذي اهتدى؛ وأنت لم تجئ ولم تهتد؛ وحين جاء من واسط، لم يجئ معه بشيء من خبر أبي حمزة، ولا بشيء من مقاريض [٢] واسط، وبزيون [٣] واسط، ولا جاء معه أيضا بشيء من خطميّ [٤] ، ولا بشيء من جوز ولا بشيء من زبيب. وقد مرّ بكسكر [٥] فأين كان عن جداء كسكر، ودجاج كسكر، وسمك كسكر، وصحناة [٦] كسكر، وربيثاء كسكر وشعير كسكر؟! وذهب صحيحا نشيطا، ورجع مريضا كسلان، وقد غرمت ما غرمت!! فقل لي: ما وجه فرحك؟

فقال: فرحي أنّي أرجو أن أبيعه بخمسين دينارا. قال: ومن يشتريه منك بخمسين دينارا؟ قال: فلان، وفلان. فقام ومضى إلى فلان فقال: زعم فلان أنّك تشتري منه حماما جاء من واسط بخمسين دينارا؟ قال: صدق. قال: فقل لي لم تشتريه بخمسين دينارا؟ قال: لأنّه جاء من واسط. قال: فإذا جاء من واسط فلم تشتريه بخمسين دينارا؟ قال: لأنّي أبيع الفرخ منه بثلاثة دنانير، والبيضة بدينارين. قال:

ومن يشتري منك؟ قال: مثل فلان وفلان. فأخذ نعله ومضى إلى فلان، فقال: زعم فلان أنّك تشتري منه فرخا من طائر جاء من واسط بثلاثة دنانير، والبيضة بدينارين.

قال: صدق، قال: فقل لي: لم تشتري فرخة بثلاثة دنانير؟ قال: لأنّ أباه جاء من واسط. قال: ولم تشتريه بثلاثة دنانير إذا جاء أبوه من واسط؟ قال: لأني أرجو أن يجيء من واسط. قال: وإذا جاء من واسط فأيّ شيء يكون؟ قال: يكون أن أبيعه بخمسين دينارا. قال: ومن يشتريه منك بخمسين دينارا؟ قال: فلان. فتركه ومضى إلى فلان، فقال: زعم فلان أنّ فرخا من فراخه إذا جاء أبوه من واسط اشتريته أنت منه


[١] نعر: صاح «القاموس: نعر» .
[٢] في القاموس «قرض» : (المقارض: أوعية الخمر، والجرار الكبار) .
[٣] البزيون: السندس، وهو رقيق الديباج «القاموس: بزيون، سندس» .
[٤] الخطمي: نبات محلّل منضّج مليّن، نافع لعسر البول والحصا والنسا وقرحة الأمعاء والارتعاش وتسكين الوجع «القاموس: خطم» .
[٥] كسكر: كورة بين الكوفة والبصرة. معجم البلدان ٤/٤٦١.
[٦] الصحناة: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح «القاموس: صحن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>