للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٨٢-[معارف في الذّباب]

ثمّ رجع بنا القول إلى صلة كلامنا في الإخبار عن الذّبّان.

فأمّا سكّان بلاد الهند فإنّهم لا يطبخون قدرا، ولا يعملون حلوى ولا يكادون يأكلون إلّا ليلا؛ لما يتهافت من الذّبّان في طعامهم. وهذا يدل على عفن التّربة ولخن الهواء.

وللذّبّان يعاسيب وجحلان [١] ، ولكن ليس لها قائد ولا أمير. ولو كانت هذه الأصناف التي يحرس بعضها بعضا. وتتّخذ رئيسا يدبّرها ويحوطها، إنما أخرج ذلك منها العقل دون الطّبع، وكالشيء يخصّ به البعض دون الكلّ لكان الذرّ والنّمل أحقّ بذلك من الكراكيّ [٢] والغرانيق [٢] والثّيران، ولكان الفيل أحقّ به من البعير؛ لأنه ليس للذّرّ قائد ولا حارس، ولا يعسوب يجمعها ويحميها بعض المواضع، ويوردها بعضا.

وكلّ قائد فهو يعسوب ذلك الجنس المقود. وهذا الاسم مستعار من فحل النّحل وأمير العسّالات.

وقال الشاعر وهو يعني الثّور: [من الطويل]

كما ضرب اليعسوب إذ عاف باقر ... وما ذنبه إذ عافت الماء باقر [٣]

وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في صلاح الزّمان وفساده: «فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدّين بذنبه» [٤] .

وعلى ذلك المعنى قال حين مرّ بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد قتيلا يوم الجمل: «لهفي عليك يعسوب قريش! جدعت أنفي وشفيت نفسي!» [٥] .

قالوا: وعلى هذا المعنى قيل: «يعسوب الطّفاوة» .

٧٨٣-[أقذر الحيوان]

وزعم بعض الحكماء أنّه لا ينبغي أن يكون في الأرض شيء من الأشياء أنتن


[١] في القاموس: (الجحل: اليعسوب العظيم والجعل. جمع جحول وجحلان) .
[٢] الكراكي: جمع الكركي، وهو طائر كبير، ذهب بعض الناس إلى أنه الغرنوق، وهو أغبر؛ طويل الساقين. حياة الحيوان ٢/٢٤٤.
[٣] تقدم البيت في مقدمة لمؤلف في الجزء الأول، ونسبه إلى الهيبان الفهمي ص ١٨.
[٤] الحديث في النهاية ٣/٢٣٤، وأساس البلاغة (عسب) .
[٥] الحديث في النهاية ٣/٢٣٥، وأساس البلاغة (عسب) ، ومجالس ثعلب ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>