للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٣٥-[أعجب من نوم الذبان]

وليس في جميع ما رأينا وروينا، في ضروب نوم الحيوان، أعجب من نوم الذّبّان، وذلك أنّها ربما جعلت مأواها بالليل دروند الباب [١] وقد غشّوه ببطانة ساج [٢] أملس كأنّه صفاة، فإذا كان اللّيل لزقت به، وجعلت قوائمها مما يليه، وعلّقت أبدانها إلى الهواء. فإن كانت لا تنام البتّة ولا يخالطها عزوب [٣] المعرفة فهذا أعجب: أن تكون أمّة من أمم الحيوان لا تعرف النّوم، ولا تحتاج إليه. وإن كانت تنام ويعزب عنها ما يعزب [٣] عن جميع الحيوان سوى ما ذكرنا، فما تخلو من أن تكون قابضة على مواضع قوائمها، ممسكة بها، أو تكون مرسلة لها مخلّية عنها. فإن كانت مرسلة لها فكيف لم تسقط وهي أثقل من الهواء؟! وإن كانت ممسكة لها فكيف يجامع التشدّد والتثبيت النّوم؟!.

٨٣٦-[بعض ما يعتري النائم]

ونحن نرى كلّ من كان في يده كيس أو درهمأو حبل، أو عصا فإنّه متى خالط عينيه النّوم استرخت يده وانفتحت أصابعه. ولذلك يتثاءب المحتال للعبد الذي في يده عنان دابّة مولاه، ويتناوم له وهو جالس؛ لأنّ من عادة الإنسان إذا لم يكن بحضرته من يشغله، ورأى إنسانا قبالته ينود [٤] أو ينعس، أن يتثاءب وينعس مثله. فمتى استرخت يده أو قبضته عن طرف العنان، وقد خامره سكر النّوم، ومتى صار إلى هذه الحال- ركب المحتال الدّابّة ومرّ بها.


[١] في اللسان «نجف» : (النجاف هو أسكفّة الباب، قال الأزهري: هو درونده أي أعلاه) .
[٢] الساج: الطيلسان الأخضر أو الأسود «القاموس: ساج» .
[٣] عزب: بعد وغاب «القاموس: عزب» .
[٤] ينود: يتمايل من النعاس. «القاموس: نود» .

<<  <  ج: ص:  >  >>