للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٥٨-[أسماء الغراب]

والغراب لسواده إن كان أسود، ولاختلاف لونه إن كان أبقع، ولأنّه غريب يقطع إليهم، ولأنّه لا يوجد في موضع خيامهم يتقمّم، إلّا عند مباينتهم لمساكنهم، ومزايلتهم لدورهم، ولأنّه ليس شيء من الطير أشدّ على ذوات الدّبر من إبلهم من الغربان، ولأنه حديد البصر فقالوا عند خوفهم من عينه «الأعور» . كما قالوا: «غراب» لاغترابه وغربته «وغراب البين» ، لأنّه عند بينونتهم يوجد في دورهم.

ويسمّونه «ابن داية» ، لأنّه ينقب عن الدّبر حتّى يبلغ إلى دايات العنق وما اتصل بها من خرزات الصّلب، وفقار الظهر.

٨٥٩-[مراعاة التفاؤل في التسمية]

وللطّيرة سمّت العرب المنهوش بالسّليم، والبرّيّة بالمفازة، وكنوا الأعمى أبا بصير، والأسود أبا البيضاء، وسمّوا الغراب بحاتم، إذ كان يحتم الزّجر به على الأمور.

فصار تطيّرهم من القعيد والنّطيح [١] ومن جرد الجراد، ومن أن الجرادة ذات ألوان، وجميع ذلك- دون التّطيّر بالغراب.

٨٦٠-[ضروب من الطّيرة]

ولإيمان العرب بباب الطّيرة والفأل عقدوا الرّتائم [٢] ، وعشّروا إذا دخلوا القرى تعشير الحمار [٣] ، واستعملوا في القداح الآمر، والناهي، والمتربّص. وهنّ غير قداح الأيسار.

٨٦١-[اشتقاق أسماء في الطيرة]

ويدلّ على أنهم يشتقون من اسم الشيء الذي يعاينون ويسمعون، قول سوّار ابن المضرّب [٤] : [من الوافر]

تغنّى الطائران ببين ليلى ... على غصنين من غرب وبان


[١] القعيد: ما جاء من ورائك من ظبي أو طائر. «القاموس: قعد» . والنطيح: ما جاء من أمامك من الطير والوحش. «القاموس: نطح» .
[٢] كان من أراد سفرا يعمد إلى شجرة؛ فيعقد غصنين منها، فإن رجع وكانا على حالهما قال: إن أهله لم تخنه، وإلا فقد خانته، وذلك الرتم والرتيمة. «القاموس: رتم» .
[٣] كانوا يزعمون أن الرجل إذا ورد أرض وباء وضع يده خلف أذنه فنهق عشر نهقات نهيق الحمار ثم دخلها أمن من الوباء، وعشّر الحمار: تابع النهيق عشر نهقات. «اللسان: عشر» .
[٤] البيتان لسوار بن المضرب في الأصمعيات ٢٤٣، ولجحدر العكلي في الحماسة البصرية ٢/٩٨، وأشعار اللصوص ١/١٩٥، وأمالي القالي ١/٢٨٢، والكامل ١/٨٥، وللمعلوط في عيون الأخبار ١/١٤٩، وبلا نسبة في الوحشيات ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>