للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستقبلني واحد فلزم الجادّة التي أنا عليها، فلما غشيني انحرفت عنه يمنة فانحرف معي، فعدت إلى سمتي فعاد، فعدت فعاد ثمّ عدت فعاد. فلولا أنّ صاحب برذون فرّق بيننا لكان إلى الساعة يكدّني. فدخلت على أبي عمران فدعا بغدائه، فأهويت بلقمتي إلى الصّباغ فأهوى إليه بعضهم، فنحّيت يدي فنحّى يده، ثمّ عدت فعاد، ثمّ نحيت فنحّى، فقلت لأبي عمران: ألا ترى ما نحن فيه؟ قال سأحدّثك بأعجب من هذا، أنا منذ أكثر من سنة أشفق أن يراني ابن أبي عون الخياط، فلم يتّفق لي أن يراني مرّة واحدة، فلما أن كان أمس ذكرت لأبي الحارث الصّنع في السلامة من رؤيته، فاستقبلني أمس أربع مرّات!

٨٨٤-[نوادر من الكلام البليغ]

وذكر محمّد بن سلام، عن محمّد بن القاسم قال: قال جرير: أنّا لا أبتدي ولكنّي أعتدي [١] .

وقال أبو عبيدة: قال الحجّاج: أنا حديد حقود حسود! [٢] قال: وقال قديد بن منيع، لجديع بن عليّ: لك حكم الصبيّ على أهله! [٣] وقال أبو إسحاق- وذكر إنسانا [٤]-: هو والله أترف من ربيب ملك [٥] ، وأخرق من امرأة [٦] ، وأظلم من صبي [٧] .

وقال لي أبو عبيدة: ما ينبغي أن يكون كان في الدنيا مثل هذا النّظام. قلت:

وكيف؟ قال: مرّ بي يوما فقلت: والله لأمتحننّه، ولأسمعنّ كلامه؛ فقلت له: ما عيب الزّجاج- قال: يسرع إليه الكسر، ولا يقبل الجبر- من غير أن يكون فكّر أو ارتدع!


[١] البيان ٣/١٦٥.
[٢] البيان ٣/٢٥٥.
[٣] ثمار القلوب ٥٣٨ (٩٤٩) .
[٤] انظر البيان ١/٢٤٧، ورسائل الجاحظ ١/١٩٦.
[٥] الدرة الفاخرة ٢/٤٤٥، والمثل برواية: (أترف من ربيب نعمة) في مجمع الأمثال ١/١٥٠، والدرة الفاخرة ١/٩٧، والمستقصى ١/٣٤، وجمهرة الأمثال ١/٢٨٦.
[٦] المثل برواية (أخرق من أمة) ، وبرواية (أخرق من صبي) في المستقصى ١/٩٩، وجمهرة الأمثال ١/٤٣١.
[٧] مجمع الأمثال ١/٤٤٦، والمستقصى ١/٢٣٤، وجمهرة الأمثال ٢/٢٧، والدرة الفاخرة ١/٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>