للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم بعض الأطبّاء والفلاسفة، أنّ الحيّات والأفاعي تؤكل نيئة ومطبوخة، ومشويّة، وأنّها تغذو غذاء حسنا.

وزعم أبو زيد، أنّه دخل على رؤبة، وعنده جرذان قد شواهنّ، فإذا هو يأكلهنّ، فأنكر ذلك عليه، فقال رؤبة: هنّ خير من اليرابيع والضّباب وأطيب؛ لأنها عندكم تأكل الخبز والتمر وأشباه ذلك. وكفاك بأكل الجرذان [١] ! ولولا هول الحيّات في الصّدور من جهة السّمرم، لكانت جهة التقذّر أسهل أمرا من الجرذان.

وناس من السّفالة يأكلون الذّبّان. وأهل خراسان يعجبون باتخاذ البزماورد من فراخ الزّنابير، ويعافون أذناب الجراد الأعرابيّ السمين. وليس بين ريح الجراد إذا كانت مشويّة وبين ريح العقارب مشويّة فرق. والطّعم تبع للرائحة: خبيثها لخبيثها، وطيّبها لطيّبها.

وقد زعم ناس، ممن يأكلون العقارب مشويّة ونيئة، أنها كالجراد السّمان.

وكان الفضل بن يحيى يوجّه خدمه في طلب فراخ الزّنابير ليأكلها. وفراخها ضرب من الذّبان.

فأمّا لحوم البراذين فقد كثر علينا وفينا، حتى أنسنا به. وزعم بعضهم أنّه لم يأكل أطيب من رأس برذون وسرّته. فأمّا السّرّة والمعرف [٢] فإنهم يزاحمون بها الجداء والدّجاج. ويقدّمون الأسرام المحشوّة.

ومن أصحابنا من يأكل السراطين أكلا ذريعا. فأما الرق [٣] والكوسج [٤] فهو من أعجب طعام البحريّين. وأهل البحر يأكلون البلبل فهو اللّحم الذي في جوف الأصداف.

والأعرابيّ إذا وجد أسود سالخا، رأى فيه ما لا يرى صاحب الكسمير في كسميره.


[١] ورد الخبر في الأغاني ٢٠/٣٥٠، وفيه أنه يأكل الفئران.
[٢] المعرفة: موضع العرف من الفرس.
[٣] الرق: ضرب من دواب الماء يشبه التمساح، والرق أيضا: العظيم من السلاحف. حياة الحيوان ١/٥٢٧.
[٤] الكوسج: نوع من السمك تنفر منه الحيوانات البحرية، وهي القرش. حياة الحيوان ٢/٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>