للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سليمان: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ

[١] ثمّ قال: اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ. قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ

[٢] فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ

[٣] وذلك أنّها قالت: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ

[٤] ثمّ قال سليمان للهدهد: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ

[٥] وقال: يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ

[٦] فطعن في جميع ذلك طاعنون، فقال بعضهم: قد ثبت أنّ الهدهد يحتمل العقاب والعتاب، والتّكليف والثّواب، والولاية، ودخول الجنّة بالطّاعة، ودخول النّار بالمعصية؛ لأنّ المعرفة توجب الأمر والنهي، والأمر والنهي يوجبان الطاعة والمعصية، والطاعة والمعصية يوجبان الولاية والعداوة، فينبغي للهداهد أن يكون فيها العدوّ والوليّ، والكافر والمسلم، والزّنديق والدّهريّ.

وإذا كان حكم الجنس حكما واحدا لزم الجميع ذلك. وإن كان الهدهد لا يبلغ عند جميع الناس في المعرفة مبلغ الذرّة، والنملة، والقملة، والفيل، والقرد، والخنزير، والحمام- وجميع هذه الأمم، تقدّمها عليه في المعرفة- فينبغي أن تكون هذه الأصناف المتقدّمة عليه، في عقول هذه الأمّة والأنبياء.

وقد رأينا العلماء يتعجّبون من خرافات العرب والأعراب في الجاهليّة ومن قولهم في الدّيك والغراب، ويتعجّبون من الرّواية في طوق الحمام فإنّ الحمام كان رائد نوح على نبينا وعليه السلام.


[١] ٢٧/النمل: ٢٧.
[٢] ٢٨- ٣١ النمل: ٢٧.
[٣] ٣٦/النمل: ٢٧.
[٤] ٣٤/النمل: ٢٧.
[٥] ٣٧/النمل: ٢٧.
[٦] ٣٨- ٤٠/النمل: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>