للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ يقطع ذنبها فينبت. ثمّ تعيش في الماء، إن صارت في الماء، بعد أن كانت برّيّة، وتعيش في البرّ بعد أن طال مكثها في الماء وصارت مائية.

قال: وإنّما أتتها هذه القوّة، واشتدّت فقر ظهرها هذه الشّدّة؛ لكثرة أضلاعها، وذلك أنّ لها من الأضلاع عدد أيّام الشّهر. وهي مع ذلك أطول الحيوان عمرا.

١٠٢٦-[موت الحية]

ويزعمون أنّ الحيّة لا تموت حتف أنفها، وإنّما تموت بعرض يعرض لها. ومع ذلك فإنه ليس في الحيوان شيء هو أصبر على جوع من حيّة؛ لأنّها إن كانت شابّة فدخلت في حائط صخر، فتتبّعوا موضع مدخلها بوتد أو بحجر، ثمّ هدموا هذا الحائط، وجدوها هناك منطوية وهي حيّة. فالشّابة تذكر بالصّبر عند هذه العلّة. فإن هرمت صغرت في بدنها، وأقنعها النّسيم، ولم تشته الطعم. وقد قال الشاعر:- وهو جاهليّ [١]-: [من الرجز]

فابعث له من بعض أعراض اللّمم ... لميمة من حنش أعمى أصم

قد عاش حتى هو لا يمشي بدم ... فكلّما أقصد منه الجوع شم

وهذا القول لهذا المعنى. وفي هذا الوجه يقول الشاعر [٢] : [من الرجز]

داهية قد صغرت من الكبر ... صلّ صفا ما ينطوي من القصر

طويلة الإطاق من غير خفر ... كمطرق قد ذهبت به الفكر [٣]

جاء بها الطوفان أيّام زخر

١٠٢٧-[صبر الحية على فقد الطّعم]

ومن أعاجيبها أنها وإن كانت موصوفة بالشّره والنّهم، وسرعة الابتلاع، فلها في الصّبر في أيّام الشّتاء ما ليس للزّهيد. ثمّ هي بعد ممّا يصير بها الحال إلى أن تستغني عن الطّعم.


[١] الرجز بلا نسبة في البرصان ٢٣٣، والسمط ٤٩٠، واللسان (حنش) ، والتهذيب ٤/١٨٦.
[٢] الرجز للنابغة في ديوان المعاني ٢/١٤٥، والحماسة الشجرية ٢٧٣- ٢٧٤، وبلا نسبة في الخزانة ٢/٤٥٧، والمخصص ٨/١٠٩، ١٦، ١٠٦، ١٨٥، والمنصف ٣/١٦، وأساس البلاغة (حرو) ، وربيع الأبرار ٥/٤٧٥.
[٣] الإطراق: إرخاء العينين. (القاموس: طرق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>