للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوّل خصال حوّاء التي عوقبت بها وجع الافتضاض، ثم الطلق، ثمّ النّزع، ثمّ بقناع الرّأس، وما يصيب الوحمى والنفساء من المكروه، والقصر في البيوت، والحيض، وأنّ الرّجال هم القوّامون عليهنّ، أن تكون عند الجماع هي الأسفل.

وأمّا خصال آدم صلى الله عليه وسلم: فالذي انتقص من طوله، وبما جعله الله يخاف من الهوامّ والسّباع، ونكد العيش، وبتوقع الموت، وبسكنى الأرض، وبالعري من ثياب الجنّة، وبأوجاع أهل الدنيا، وبمقاساة التحفظ من إبليس، وبالمحاسبة بالطّرف، وبما شاع عليه من اسم العصاة.

وأمّا الحيّة فإنها عوقبت بنقص جناحها، وقطع أرجلها، والمشي على بطنها، وبإعراء جلدها- حتى يقال: «أعرى من حيّة» وبشقّ لسانها- لذلك كلما خافت من القتل أخرجت لسانها لتريهم العقوبة- وبما ألقي عليها من عداوة النّاس، وبمخافة الناس، وبجعله لها أوّل ملعون من اللّحم والدّم، وبالذي ينسب إليها من الكذب والظلم [١] .

فأمّا الظلم فقولهم: «أظلم من حيّة» [٢] وأما الكذب فإنها تنطوي في الرّمل على الطّريق وتدخل بعض جسدها في الرّمل، فتظهر كأنها طبق خيزران. ومنها حيّات بيض قصار تجمع بين أطرافها على طرق الناس، وتستدير كأنها طوق أو خلخال، أو سوار ذهب أو فضة- ولما تلقي على نفسها من السّبات، ولما تظهر من الهرب من الناس. وكلّ ذلك إنما تغرّهم وتصطادهم بتلك الحيلة، فذلك هو كذبها.

١١٠٢-[عقاب الأرض]

قال: وعوقبت الأرض حين شربت دم ابن آدم بعشر خصال: أنبت فيها الشّوك، وصيّر فيها الفيافي، وخرق فيها البحار، وملّح أكثر مائها، وخلق فيها الهوامّ والسّباع، وجعلها قرارا لإبليس والعاصين، وجعل جهنّم فيها، وجعلها لا تربي ثمرتها. إلّا في الحرّ، وهي تعذّب بهم إلى يوم القيامة، وجعلها توطأ بالأخفاف، والحوافر، والأظلاف، والأقدام، وجعلها مالحة الطّعم.

ثم لم تشرب بعد دم ابن آدم دم أحد من ولده، ولا من غير ولده. قال: ولذلك


[١] انظر الفقرة ١٠٧٦.
[٢] مجمع الأمثال ١/٤٤٥، وجمهرة الأمثال ٢/٢٩، والمستقصى ١/٢٣٢، والدرة الفاخرة ١/٢٩٣، وفصل المقال ٤٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>