للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأفعى تقتل في كلّ حال وفي كلّ زمان. والشّجاع يواثب ويقوم على ذنبه، وربّما بلغ رأسه رأس الفارس.

وليس يقتلها- إذا تطوّقت على الطّريق وفي المناهج، أو اعترضتها لتقطعها عابرة إلى الجانب الآخر- شيء كأقاطيع الشّياه إذا مرّت بها، وكذلك الإبل الكثيرة إذا مرّت، فإنّ الحيّة إذا وقعت بين أرجلها كان همتها نفسها، ولم يكن لها همة إلّا التّخلص بنفسها؛ لئلّا تعجلها بالوطء. فإن نجت من وطء أيديها، لم تنج من وطء أرجلها. وإن سلمت من واحدة لم تسلم من التي تليها، إلى آخرها.

وقال عمر بن لجأ، وهو يصف إبله [١] : [من الرجز]

تعرّض الحيّات في غشاشها

وقال ذو الأهدام: [من الرجز]

تعجلها عن نهشها والنّكز

ومن ذلك أنّ العقرب تقع في يد السّنّور، فيلعب بها ساعة من اللّيل وهي في ذلك مسترخية مستخذية لا تضربه. والسّنانير من الخلق الذي لا تسرع السّموم فيه.

١١١٤-[مسالمة الأفعى للقانص والراعي]

وربّما باتت الأفعى عند رأس الرّجل وعلى فراشه فلا تنهشه. وأكثر ما يوجد ذلك من القانص والرّاعي. قال الشاعر [٢] : [من الوافر]

تبيت الحيّة النّضناض منه ... مكان الحبّ مستمع السّرار

قال: الحبّ: الحبيب. والنضناض من الحيّات: الذي يحرّك لسانه. وعن عيسى بن عمر قال: قلت لذي الرّمّة: ما النضناض؟ فأخرج لسانه يحرّكه.

وإنما يصف القانص وأنّه يبيت بالقفر. ومثله قول أبي النجم [٣] : [من الرجز]

تحكي لنا القرناء في عرزالها ... جري الرّحى تجري على ثفالها


[١] ديوان عمر بن لجأ ١٥١، والأغاني ٨/٧٠ وحلقات الشعراء ١/٢٢٤، واللسان (عفر) .
[٢] صواب الرواية «يستمع السرارا» والبيت للراعي النميري في ديوانه ١٤٩، وأمالي القالي ٢/٢٣، واللسان والتاج (حبب، نضض) والتنبيه والإيضاح ١/٥٦، والتهذيب ١١/٤٧٠، والجمهرة ٦٤، وكتاب الجيم ١/١٦٢، وبلا نسبة في المخصص ٤/٤٣، ٨/١١٠، وأساس البلاغة (نضض) ، والمجمل ٢/٣٠.
[٣] الرجز لأبي النجم في ديوانه ١٦١، وللأعشى في اللسان والتاج (عرزل، قرن) ، وبلا نسبة في الجمهرة ٧٩٤، ١١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>