للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي تسلخ من جلودها في يوم وليلة من الرّأس إلى الذّنب، ويصير داخل الجلد هو الخارج، كما يسلخ الجنين من المشيمة، وكذلك جميع الحيوان المحزّز الجسد، وكلّ طائر لجناحه غلاف مثل الجعل والدّبر وكذلك السّرطان، يسلخ أيضا، فيضعف عند ذلك من المشي.

وتسلخ جلودها مرارا.

والسّلخ يصيب عامّة الحيوان [١] : أمّا الطير فسلخها تحسيرها [٢] ، وأمّا ذوات الحوافر فسلخها عقائقها [٣] ، وسلخ الإبل طرح أوبارها، وسلخ الجراد انسلاخ جلودها، وسلخ الأيائل إلقاء [٤] قرونها، وسلخ الأشجار إسقاط ورقها. [٥]

والأسروع: دويبّة تنسلخ فتصير فراشة. وقال الطّرمّاح شعرا [٦] : [من الكامل]

وتجرّد الأسروع واطّرد السّفا ... وجرت بجاليها الحداب القردد [٧]

وانساب حيّات الكثيب وأقبلت ... ورق الفراش لما يشبّ الموقد [٨]

يصف الزّمان.

والدّعموص ينسلخ، فيصير إمّا بعوضة وإما فراشة.

وزعم ثمامة عن يحيى بن برمك أنّ البرغوث ينسلخ فيصير بعوضة، وأنّه البعوضة التي من سلخ دعموص ربّما انسلخت برغوثا.

والنمل تحدث لها أجنحة ويتغيّر خلقها، وذلك هو سلخها. وهلكها يحين عند طيرانها.

والجراد ينسلخ على غير هذا النوع. قال الرّاجز [٩] : [من الرجز]

ملعونة تسلخ لونا لونين


[١] ثمار القلوب (٦٣١) .
[٢] التحسير: سقوط ريش الطائر. (القاموس: حسر) .
[٣] العقائق: جمع عقيقة، وهي شعر المولود. (القاموس: عقق) .
[٤] في ثمار القلوب (نصول قرونها) .
[٥] بعده في ثمار القلوب «والسراطين تسلخ فتضعف عند ذلك» .
[٦] ديوان الطرماح ١٣٤، (١١١) ومنه شرح المفردات.
[٧] «السفا: التراب الذي تسفيه الرياح، ويكون ذلك في الصيف حين تجف الأرض. واطراده: حمل الريح السفا دفعة بعد دفعة. والجائل: ما سفرته الريح من حطام النبت وسواقط ورق الشجر فجالت به. الحداب: جمع حدب، وهو ما أشرف من الأرض وغلظ. والقردد: الأرض المرتفعة إلى جانب وهدة، والبيت كناية عن إقبال الصيف» .
[٨] «ورق الفراش: جمع أورق، أي الذي لونه لون الرماد» .
[٩] الرجز لعوف بن ذروة في نوادر أبي زيد ٤٨، وقبله (من كل سفعاء القفا والخدين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>