للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سريعا ثمّ تقف، فإنّ تلك الوقفة إنّما هي لما يعرض لها من التذكّر والحسرة على ما فاتها من نصيبها من السمّ.

١١٥٩-[الرد على ما زعم زرادشت]

ولا أعلم العظاية في هذا القياس إلّا أكثر شرورا من الوزغ؛ لأنها لولا إفراط طباعها في الشّرارة، لم يدخلها من قوّة الهمّ مثل الذي دخلها ولم يستبن للنّاس من اغتباط الوزغ بنصيبه من السمّ، بقدر ما استبان من ثكل العظاية، وتسلّلها وإحضارها وبكائها وحزنها، وأسفها على ما فاتها من السّمّ.

١١٦٠-[زعم زرادشت في خلق الفأرة والسّنّور]

ويزعم زرادشت، وهو مذهب المجوس، أنّ الفأرة من خلق الله، وأنّ السّنّور من خلق الشّيطان، وهو إبليس، وهو أهرمن [١] . فإذا قيل له: كيف تقول ذلك والفأرة مفسدة، تجذب فتيلة المصباح فتحرق بذلك البيت والقبائل الكثيرة، والمدن العظام، والأرباض الواسعة، بما فيها من النّاس والحيوان والأموال، وتقرض دفاتر العلم، وكتب الله، ودقائق الحساب، والصّكاك [٢] ، والشّروط؛ وتقرض الثّياب، وربّما طلبت القطن لتأكل بزره فتدع اللّحاف غربالا، وتقرض الجرب، وأوكية الأسقية والأزقاق والقرب فتخرج جميع ما فيها؛ وتقع في الآنية وفي البئر، فتموت فيه وتحوج النّاس إلى مؤن عظام؛ وربّما عضّت رجل النّائم، وربّما قتلت الإنسان بعضّتها. والفأر بخراسان ربّما قطعت أذن الرّجل. وجرذان أنطاكية تعجز عنها السّنانير، وقد جلا عنها قوم وكرهها آخرون لمكان جرذانها، وهي التي فجرت المسنّاة [٣] ، حتى كان ذلك سبب الحسر [٤] بأرض سبأ؛ وهي المضروب بها المثل، وسيل العرم ممّا تؤرخ بزمانه العرب. والعرم: المسنّاة. وإنما كان جرذا.

وتقتل النّخل والفسيل، وتخرّب الضّيعة، وتأتي على أزمّة الركاب والخطم، وغير ذلك من الأموال.


[١] أهرمن: رمز لقوة الشر، وانظر الفقرة (١١٥٨) .
[٢] الصكاك: جمع صك، وهو الكتاب. (القاموس: صكك) .
[٣] المسناة: السد الذي يعترض به الوادي.
[٤] حسر الماء عن الأرض: نضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>