للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولا يصلح أن تكون «ما» في الموضع الذي ذكر؛ لأنّ ذلك يصير كقول القائل: التمر حلو، والثّلج بارد، والنّار حارّة. ولا يحتاج إلى أن يخبر أنّ الذي يسمع هذا الصّوت؛ لأنه لا مسموع إلّا الصّوت.

قال خصمه: فقد قال علقمة بن عبدة: [من البسيط]

حتّى تلافى وقرن الشّمس مرتفع ... أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم

يوحي إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الرّوم

ثم قال:

تحفّه هقلة سفعاء خاذلة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم

واحتجّ من زعم أنها تسمع، بقوله [١] : [من الطويل]

وصحم صيام بين صمد ورجلة ... وبيض تؤام بين ميث ومذنب [٢]

متى ما تشأ تسمع عرارا بقفرة ... يجيب زمارا كاليراع المثقب [٣]

وقال الطّرمّاح [٤] : [من الكامل]

يدعو العرار بها الزّمار كأنّه ... ألم تجاوبه النّساء العوّد [٥]

قال: وصوت النعامة الذّكر: العرار. وصوت الأنثى: الزّمار.

وأنشد الذي زعم أنّها لا تسمع، قول أسامة بن الحارث الهذليّ [٦] : [من الطويل]

تذكّرت إخواني فبتّ مسهّدا ... كما ذكرت بوّا من اللّيل فاقد [٧]


[١] البيتان للبيد، والأول في ديوانه ١٢، وصدره في اللسان (صحم) ، وهو بلا نسبة في التهذيب ٤/٢٧٣، والثاني في ديوانه ١٨.
[٢] في ديوانه «الصحم: الحمير، وأصحم: أسود اللون من كل لون. صيام: قيام. الصمد: الغلظ.
والرجلة: رجلة الوادي، مسيله وجمعه رجل. وبيض: يريد بيض النعام. تؤام: اثنان اثنان.
الميث: الأرض السهلة. المذنب: مجرى الماء» .
[٣] في ديوانه «العرار: صوت النعام الذكر، والزمار صوت الأنثى. واليراع: القصب يتخذ منها زمارات» .
[٤] ديوان الطرماح ١٤٣ (١١٥) ، والجمهرة ١٢٣، والمعاني الكبير ٣٤٣.
[٥] في ديوانه «يدعو: بمعنى يجيب هاهنا. والعوّد: اللواتي يعدن المريض الألم، أي يزرنه» .
[٦] ديوان الهذليين ٢/٢٠١- ٢٠٢، وشرح أشعار الهذليين ١٢٩٦.
[٧] في ديوان الهذليين «البوّ: جلد يحشى للفاقد ولدها، يذبح أو يموت فترأمه وتدرّ عليه، فإذا ذكرته حنّت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>