للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، عزّ اسمه: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ

[١] . وقد يقال لهم ذلك وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحلل، وركبوا الدوابّ، ولم ينفقوا منها درهما واحدا في سبيل الأكل.

وقد قال الله عزّ وجلّ: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً

[٢] . وهذا مجاز آخر.

وقال الشاعر في أخذ السّنين من أجزاء الخمر [٣] : [من الخفيف]

أكل الدّهر ما تجسّم منها ... وتبقّى مصاصها المكنونا [٤]

وقال الشاعر: [من السريع]

مرّت بنا تختال في أربع ... يأكل منها بعضها بعضا [٥]

وهل قوله [٦] : «وقد أكلت أظفاره الصّخر» ، إلا كقوله [٧] : [من الطويل]

كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر [٨]

وإذا قالوا: أكله الأسد، فإنما يذهبون إلى الأكل المعروف. وإذا قالوا: أكله الأسود [٩] ، فإنما يعنون النّهش واللّدغ والعضّ فقط.

وقد قال الله عزّ وجلّ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً

[١٠] .

ويقال: هم لحوم الناس.


[١] ٤٢/المائدة: ٥
[٢] ١٠/النساء: ٤.
[٣] البيت لأبي نواس في ديوانه ٣٠.
[٤] المصاص: خالص كل شيء، ورواية الديوان «وتبقى لبابها» ، المكنون: المستور.
[٥] أربع: أراد: صواحبها، وأراد أنها في تثنّيها وتعطّفها كأنما يأكل بعضها بعضا.
[٦] جزء من بيت لأوس بن حجر، ورد في الصفحة السابقة.
[٧] صدر البيت: (ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه) ، وهو لخالد بن علقمة في ديوان علقمة الفحل ١١٠، ولابن الطيفان خالد بن علقمة بن مرثد في المؤتلف والمختلف ٢٢١، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية ٤/١٧١، وللحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (٦١٣) .
[٨] في ديوان علقمة: «قد أفنى دوائر وجهه، أي: قد ملأ الشر وجهه أجمع؛ فأنت تستبين أثر الشر وتغييره في وجهه. وقوله: كضب الكدى: الضب لا يحتفر أبدا إلا في مكان صلب كيلا يهدم عليه جحره، واستعار للضب أنامل مكان البراثن لما أخبر عنه بمثل ما يخبر به عن الآدميين من الحفر» .
[٩] الأسود: ضرب خبيث من الأفاعي.
[١٠] ١٢/الحجرات: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>