للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جملة القول في الضد والخلاف والوفاق]

قالوا: الألوان كلها متضادّة، وكذلك الطعوم، وكذلك الأراييح، وكذلك الأصوات، وكذلك الملامس: من الحرارة والبرودة، واليبس والرطوبة، والرخاوة والصلابة، [والملاسة] [١] والخشونة. وهذه جميع الملامس.

وزعموا أن التضادد إنما يقع بين نصيب الحاسّة الواحدة فقط. فإذا اختلفت الحواس صار نصيب هذه الحاسة الواحدة من المحسوسات، خلاف نصيب تلك الحاسة، ولم يضادّها بالضّدّ كاللّون واللون؛ لمكان التفاسد، والطعم والرائحة؛ لمكان التفاسد.

ولا يكون الطعم ضدّ اللون، ولا اللون ضدّ الطعم، بل يكون خلافا. ولا يكون ضدّا ولا وفاقا، لأنه من غير جنسه، ولا يكون ضدّا، لأنه [لا] [١] يفاسده.

وزعم من لا علم له من أصحاب الأعراض [٢] ، أن السواد إنما ضادّ البياض، لأنهما لا يتعاقبان، ولا يتناوبان، ولأنهما يتنافيان.

قال القوم: لو كان ذلك من العلة، كان ينبغي لذهاب الجسم قدما أن يكون بعضه يضاد بعضا، لأن كونه في المكان الثاني لا يوجد مع كونه في المكان الثالث.

وكذلك التربيع: كطينة لو ربّعت بعد تثليثها، ثم ربّعت بعد ذلك. ففي قياسهم أن هذين التربيعين ينبغي لهما أن يكونا متضادّين، إذ كانا متنافيين، لأن الجسم لا يحتمل في وقت واحد طولين، وأن الضدّ يكون على ضدين: يكون أحدهما أن يخالف الشيء الشيء من وجوه عدة، والآخر [أن] [٣] يخالفه من وجهين [أو وجه] [٣] فقط.

قالوا: والبياض يخالف الحمرة ويضادّها، لأنه يفاسدها ولا يفاسد الطعم؛ وكذلك البياض للصفرة والحوّة [٤] والخضرة. فأما السواد خاصة فإن البياض يضاده بالتفاسد، وكذلك التفاسد، وكذلك السواد.

وبقي لهما خاصة من الفصول في أبواب المضادة: أن البياض ينصبغ ولا يصبغ، والسواد يصبغ ولا ينصبغ، وليس كذلك سائر الألوان لأنها كلها تصبغ وتنصبغ.


[١] زيادة يقتضيها المعنى.
[٢] انظر الحاشية السادسة، ص ٢٩.
[٣] زيادة يقتضيها المعنى.
[٤] الحوة: سواد إلى خضرة، أو حمرة إلى سواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>