للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل نور وضياء هو أبيض، وإنما يحمرّ في العين بالعرض الذي يعرض للعين.

فإذا سلمت من ذلك، وأفضت إليه العين رأته أبيض، وكذلك نار العود تنفصل من العود، وكذلك انفصال النار من الدّهن ومعها الدخان ملابسا لأجزائها. فإذا وقعت الحاسة على سواد أو بياض في مكان واحد، كان نتاجهما [١] في العين منظرة [٢] الحمرة.

ولو أنّ دخانا عرض بينك وبينه قرص الشمس أو القمر لرأيته أحمر. وكذلك قرص الشمس في المشرق أحمر وأصفر، للبخار والغبار المعترض بينك وبينه.

والبخار والدخان أخوان.

ومتى تحلّق القرص في كبد السماء، فصار على قمة رأسك؛ ولم يكن بين عينيك وبينه إلا بقدر ما تمكن البخار من الارتفاع في الهواء صعدا- وذلك يسير قليل- فلا تراه حينئذ إلا في غاية البياض.

وإذا انحطّ شرقا أو غربا صار كلّ شيء بين عينيك وبين قرصها من الهواء، ملابسا للغبار والدخان والبخار، وضروب [٣] الضّباب والأنداء [٤] فتراها إما صفراء، وإما حمراء.

ومن زعم أن النار حمراء فلم يكذب إن ذهب إلى ما ترى العين، ومن ذهب إلى الحقيقة والمعلوم في الجوهرية، فزعم أنها حمراء، ثم قاس على ذلك جهل وأخطأ.

وقد نجد النار تختلف على قدر اختلاف النّفط الأزرق، والأسود، والأبيض.

وذلك كله يدور في العين مع كثرة الدخان وقلته.

ونجد النار تتغير في ألوانها في العين، على قدر جفوف الحطب ورطوبته، وعلى قدر أجناس العيدان والأدهان، فنجدها شقراء، ونجدها خضراء إذا كان حطبها مثل الكبريت الأصفر.


[١] نتاجهما: أي نتاج السواد والبياض.
[٢] المنظرة: المنظر.
[٣] الضروب: الأنواع.
[٤] الأنداء: جمع ندى.

<<  <  ج: ص:  >  >>