للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الهواء، فيه ظلام الليل وضياء النهار وما كان فيه من الأشباح. والحدقة لا ترى من الضياء العارض في الهواء ما تباعد منها.

١٣٠١-[ألوان الماء]

والماء يرقّ فيكون له لون، ويكون عمقه مقدارا عدلا فيكون له لون، فإن بعد غوره وأفرط عمقه رأيته أسود.

وكذلك يحكون عن الدّردور [١] .

ويزعمون أن عين حوارا ترمى بمثل الزنوج.

فتجد الماء جنسا واحدا، ثم تجد ذلك الجنس أبيض إذا قلّ عمقه، وأخضر إذا كان وسطا، وأسود إذا بعد غوره.

ويختلف منظره على قدر اختلاف إنائه وأرضه، وما يقابله. فدلّ ذلك على أنه ليس بذي لون، وإنما يعتريه في التخييل لون ما يقابله ويحيط به. ولعلّ هذه الأمور إذا تقابلت أن تصنع في العين أمورا، فيظنّ الإنسان مع قرب المجاورة والالتباس، أن هذه الألوان المختلفة إنما هي لهذا الماء الرائق الخالص، الذي لم ينقلب في نفسه، ولا عرض له ما يقلبه. وكيف يعرض له ويقلبه وعين كل واحد منهما غير عين صاحبه؟ وهو يرى الماء أسود كالبحر، متى أخذ منه أحد غرفة رآه كهيئته إذا رآه قليل العمق.

ويتشابهان أيضا لسرعة قبولهما للحر والبرد، والطّيب والنّتن؛ والفساد والصلاح.

١٣٠٢-[حجة للنظام في الكمون]

قال أبو إسحاق: قال الله عزّ وجلّ عند ذكر إنعامه على عباده وامتنانه على خلقه، فذكر ما أعانهم به من الماعون: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ

[٢] ، وكيف قال «شجرتها» وليس في تلك الشجرة


[١] الدّردور: موضع في وسط البحر يجيش ماؤه، لا تكاد تسلم منه السفينة؛ يقال: لجّجوا فوقعوا في الدردور، والدردور: الماء الذي يدور ويخاف منه الغرق. انظر اللسان «درر» ، والسامي في الأسامي ٣٨٣، وفيه «الدردور: دوامة الماء» .
[٢] ٧١/الواقعة: ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>