للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢٧- باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ... } ١

[التوكل قسمان] :

قال أبو السعادات: يقال: توكل بالأمر إذا ضمن القيام به، ووكلت أمري إلى فلان، أي: ألجأته واعتمدت عليه فيه، ووكل فلان فلانًا: إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجز عن القيام بأمر نفسه انتهى.

ومراد المصنف بهذه الترجمة النص على أن التوكل فريضة يجب إخلاصه لله تعالى لأنه من أفضل العبادات، وأعلى مقامات التوحيد. بل لا يقوم به على وجه الكمال إلا خواص المؤمنين، كما تقدم في صفة السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، ولذلك أمر الله به في غير آية من القرآن أعظم مما أمر بالوضوء والغسل من الجنابة، بل جعله شرطًا في الإيمان والإسلام ومفهوم ذلك انتفاء الإيمان والإسلام عند انتفائه كما في الآية المترجم لها وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} ٢. وقوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ٣. وقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} ٤. وقوله: {أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً} ٥. وقوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً} ٦. وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ٧. وغير ذلك من الآيات.

وفي الحديث: "مَنْ سَرَّهُ أن يكون أقوى الناس إيمانًا فليتوكل على الله" رواه ابن أبي الدنيا، وأبو يعلى والحاكم وفي حديث آخر "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانا". رواه أحمد وابن ماجة. قال الإمام أحمد: التوكل عمل القلب. وقال أبو إسماعيل الأنصاري: التوكل كلة الأمر إلى مالكه والتعويل على وكالته.


١ سورة المائدة آية: ٢٣.
٢ سورة يونس آية: ٨٤.
٣ سورة هود آية: ١٢٣.
٤ سورة المزمل آية: ٩.
٥ سورة الإسراء آية: ٢.
٦ سورة الفرقان آية: ٥٨.
٧ سورة التوبة آية: ١٢٩.

<<  <   >  >>