للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣٥- باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ... } ١]

ش: المراد بهذه الترجمة التأدب مع جناب الربوبية عن الألفاظ الشركية الخفية، كنسبة النعم إلى غير الله، فإن ذلك باب من أبواب الشرك الخفي، وضده باب من أبواب الشكر كما في الحديث الذي رواه ابن حبان في "صحيحه" عن جابر مرفوعًا: "من أولي معروفًا فلم يجد له جزاء إلا الثناء فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره" ٢. وفي رواية جيدة لأبي داود "من أبلي فذكره فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره" ٣. قال المنذري "من أبلي" أي: من أنعم عليه، الإبلاء الإنعام. فإذا كان ذكر المعروف الذي يقدره الله على يدي إنسان من شكره، فذكر معروف رب العالمين، وآلائه وإحسانه ونسبة ذلك إليه أولى بأن يكون شكرًا.

قال المصنف: قال مجاهد ما معناه: هو "قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي".

ش: هذا الأثر رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، ولفظه كما في "الدر" قال: المساكن والأنعام وسرابيل الثياب، والحديد يعرفه كفار قريش ثم ينكرونه بأن يقولوا: هذا كان لآبائنا ورثناه عنهم.

قال ابن القيم "ما معناه: لما أضافوا النعمة إلى غير الله فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره، فإن الذي يقول هذا جاحد لنعمة الله عليه غير معترف بها، وهو كالأبرص والأقرع اللذين ذكرهما الملك بنعم الله عليهما فأنكراها وقالا: إنما ورثنا هذا كابرًا عن كابر، وكونها موروثة عن الآباء أبلغ في إنعام الله عليهم إذ أنعم بها على آبائهم ثم ورثهم إياها فتمتعوا هم وآباؤهم بنعمه".

وقال عون بن عبد الله: "يقولون: لولا فلان لم يكن كذا".


١ سورة النحل آية: ٨٣.
٢ أبو داود: الأدب (٤٨١٣) .
٣ أبو داود: الأدب (٤٨١٣) .

<<  <   >  >>