للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمل لا تجد المرأة له ألمًا، إنما هي النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة.

وقوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} ، قال مجاهد: استمرت عليه، وقال مهران: استخفته، وقال ابن جرير: استمرت بالماء وقامت به وقعدت {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} ، أي: صارت ذات ثقل بحملها. قال السدي: كبر في بطنها {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} ١، أي: أن آدم وحواء عليهما السلام، {دَعَوَا اللَّهَ ... لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} ٢. بشرًا سويًّا. قال ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ٣، أي: لنشكرك على ذلك. انتهى ملخصًا من ابن كثير وفيه زيادة.

وقوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ} ٤، أي: لله شركاء فيما آتاهما أي: لم يقوما بشكر ذلك على الوجه المرضي كما وعدا بذلك، بل جعلا لي فيه شركاء فيما أعطيتهما من الولد الصالح، والبشر السوي، بأن سمياه عبد الحارث، فإن من تمام الشكر أن لا يعبد الاسم إلا لله، وإذا تأملت سياق الكلام من أوله إلى آخره مع ما فسره به السلف تبين قطعًا أن ذلك في آدم وحواء عليهما السلام، فإن فيه غير موضع يدل على ذلك٥. والعجب ممن يكذب بهذه القصة، وينسى ما جرى أول مرة ويكابر بالتفاسير المبتدعة، ويترك تفاسير السلف وأقوالهم. وليس المحذور في هذه القصة بأعظم من المحذور في المرة الأولى.

وقوله تعالى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} هذا والله أعلم عائد إلى المشركين من القدرية، فاستطرد من ذكر الشخص إلى الجنس وله نظائر في القرآن.

قوله:"قال ابن حزم": هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري المشهور صاحب كتاب"الإجماع"و"الإيصال"و"المحلى"وغيرها من المصنفات.


١ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٢ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٣ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٤ سورة الأعراف آية: ١٩٠.
٥ قال ابن كثير ٣/ ٦١٤: وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمه الله في هذا وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء, وإنما المراد المشركون من ذريته, ولهذا قال تعالى: فتعالى الله عما يشركون.

<<  <   >  >>