للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرحمهم الملك وعفا عنهم وردّهم إلى بلادهم، حتّى إذا كانوا على مسيرة يوم من تهامة، تكهنّ كاهنهم عوف بن ربيعة الأسدىّ، فقال: يا عباد [١] قالوا: لبّيك ربّنا! فقال: والغلّاب غير المغلّب [٢] ، فى الإبل كأنها الرّبرب [٣] ، لا يقلق [٤] رأسه الصّخب، هذا دمه يثعب، وهو غدا أول من يسلب. قالوا:

من هو ربّنا؟ قال: لولا تجيش نفس جايشه [٥] أنباتكم أنّه حجر ضاحيه.

فركبت بنو أسد كلّ صعب وذلول، فما أشرق لهم الضّحى حتّى انتهوا إلى حجر، فوجدوه نائما فذبحوه، وشدّوا على هجائنه فاستاقوها.

١٤٢* وكان امرؤ القيس طرده [٦] أبوه لمّا صنع فى الشعر بفاطمة ما صنع، وكان لها عاشقا، فطلبها زمانا فلم يصل إليها، وكان يطلب منها غرّة، حتّى كان منها يوم الغدير بدارة جلجل ما كان، فقال:

قفا نبك منّ ذكرى حبيب ومنزل [٧]

فلمّا بلغ ذلك حجرا أباه دعا مولى له يقال له ربيعة، فقال له: اقتل امرأ القيس وأتنى بعينيه، فذبح جوذرا فأتاه بعينيه، فندم حجر على ذلك، فقال:

أبيت اللّعن! إنى لم أقتله، قال: فأتنى به، فانطلق فإذا هو قد قال شعرا فى


[١] فى الأغانى والخزانة «يا عبادى» .
[٢] فى الأغانى: «فقال: من الملك الأصهب، الغلاب غير المغلب» .
[٣] الربرب: القطيع من بقر الوحش، لا واحد له من لفظه.
[٤] ف س «لا يفلق» والأغانى «لا يعلق» .
[٥] جاشت النفس: فاظت، وجاشت القدر: غلت. وجشأت النفس: ارتفعت ونهضت من حزن أو فزع. وهما متقاربا المعنى وكأنهما من المقلوب بتقديم حرف وتأخيره. وفى الأغانى «جاشيه» . وأثبت مصحح ل رواية الأغانى فى صلب الكتاب بدل رواية الأصلين. وهو تصرف غير جيد، لأن المعنى مقارب، فما فى الأصلين صحيح.
[٦] س ب «اطرده» .
[٧] هو صدر المعلقة المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>