للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّك مقمر! فذهبت مثلا، وجعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث استأسر، فلم يعبأ به، فلما آذاه ضمّه سليك ضمّه ضرط منها وهو فوقه! فقال سليك:

أضرطا وأنت الأعلى [١] ! فذهبت مثلا، ثم قال له: ما شأنك؟ فقال: أنا رجل فقير، خرجت لعلّى أصيب شيئا، قال: انطلق معى، فخرجا فوجدا رجلا قصّته (مثل) قصّتهما، فأتوا جوف مراد، وهو باليمن، فإذا فيه نعم كثير، فقال سليك لهما: كونا (منى) قريبا حتّى آتى الرّعاء فأعلم لكما علم الحىّ أقريب هو أم بعيد، فإن كانوا قريبا رجعت إليكما، وإن كانوا بعيدا قلت لكما قولا أحى به (إليكما) ، فأغيرا (على ما يليكما) ، فانطلق حتّى أتى الرّعاء، فلم يزل بهم يتسقّطهم حتّى أخبروه خبر الحىّ، فإذا هو بعيد، فقال لهم السّليك: ألا أغنّيكم؟ قالوا: بلى، فرفع عقيرته، يتغنّى:

يا صاحبىّ ألا لا حىّ بالوادى ... إلّا عبيد وآم بين أذواد [٢]

أتنظران قليلا ريث غفلتهم ... أم تعدوان فإنّ الرّيح للعادى [٣]

فلمّا سمعا ذلك اطّردا الإبل فذهبا بها [٤] .

٦٢٦* قال أبو عبيدة: بلغنى أنّ السليك رأته طلائع جيش لبكر بن وائل جاؤوا ليغيروا على تميم ولا يعلم بهم، فقالوا: إن علم السّليك بنا أنذر قومه،


[١] مجمع الأمثال ١: ٣٦٨- ٣٦٩.
[٢] قال المفضل الضبى: «آم: جمع أمة إلى العشر، ثم إماء لما بعد العشر» . والبيت فى اللسان ١٨: ٤٧.
[٣] الريح هنا: الغلبة والقوة. والبيت فى اللسان ٣: ٢٨٣ ونسبه لتأبط شرا أو للسليك، ثم قال: «قال ابن برى: وقيل الشعر لأعشى تميم، من قصيدة أولها» وذكر بيتين.
ولعل الشعر تغنى به السليك فقط، لم يكن من قوله.
[٤] هذه القصة منقولة من أمثال العرب للضبى ١٣- ١٤ مع خلاف يسير، وعقبها هناك بخبر آخر عن السليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>