للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعد يثنى على عمرو: لشدّ ما تقارضتما الثّناء! وسأله عمر عن الحرب، فقال:

مرّة المذاق، إذا قلّصت عن ساق [١] ، من صبر فيها عرف، ومن ضعف عنها تلف، وهى كما قال الشاعر [٢] :

الحرب أوّل ما تكون فتيّة ... تسعى بزينتها لكلّ جهول

حتّى إذا استعرت وشبّ ضرامها ... عادت عجوزا غير ذات خليل

شمطاء جزّت رأسها وتنكّرت ... مكروهة للشّمّ والتّقبيل

وسأله عن السّلاح، فقال: الرّمح أخوك، وربّما خانك، والنّبل منايا تخطئ وتصيب، والتّرس هو المجنّ، وعليه تدور الدّوائر، والدّرع مشغلة للفارس متعبة للراجل، وإنّها لحصن حصين، وسأله عن السيف، فقال: ثمّ قارعتك أمّك عن الثّكل! قال عمر: بل أمّك! قال: الحمّى أضرعتنى [٣] .

٦٣٥* وشهد مع النعمان بن مقرّن المزنىّ فتح نهاوند، فقتل هنالك مع النعمان وطليحة بن خويلد، فقبورهم (هناك) بموضع يقال له: الإسفيذهان [٤] .

٦٣٦* وعمرو أحد من يصدق عن نفسه فى شعره، قال [٥] :

ولقد أجمع رجلىّ بها ... حذر الموت، وإنى لفرور


[١] قلصت: شمرت.
[٢] هكذا نسب الأبيات لشاعر مبهم، ولكن البيت الأول فى اللسان ٩: ٤١٦ منسوب لعمرو بن معدى كرب نفسه.
[٣] الضراعة: الذل والخضوع. وهذا مثل «الحمى أضرعتنى لك» يضرب عند الذل فى الحاجة تنزل. انظر مجمع الأمثال ١: ١٨١- ١٨٢. والقصة رواها البلاذرى فى فتوح البلدان ٢٨٧- ٢٨٨ بمعناها.
[٤] بء «الإسفندهان» وضبط بفتح الدال، س ف «الإسفيذهانى» وهذا الموضع لم يذكر فى معجم البلدان، وذكر فى تاريخ الطبرى ٤: ٢٤٠، ٢٤٢ باسم «الإسبيذهان» بالباء بدل الفاء.
[٥] الأبيات فى حماسة البحترى برقم ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>