للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظره، وعمق فكره، وأنفق فى سبيل ذلك ما أنفق من جهد ووفر، وعافية ووقت، رضىّ النفس طيب البال، حتى غدا فى طليعة الناشرين المرموقين، وحسبه أنه ناشر الرسالة للشافعى والمعرّب للجواليقى. والأستاذ نفسه يعتبر نشره مثاليا يضارع نشر المستشرقين، بل يفوقه، وقد صرّح بذلك إذ يقول: «إنما أرجو أن يجد القارئ هذا الكتاب تحفة من التحف، ومثالا يحتذى فى التصحيح والتنقيح، وأصلا موثوقا به حجة، وليعلم الناس أننا نتقن هذه الصناعة. من تصحيح وفهارس ونحوهما- أكثر مما يتقنه كل المستشرقين ولا أستثنى» [١] . وقد اعتمد الأستاذ فى تحقيق هذا الكتاب على طبعة ليدن اعتمادا كليا، حتى جاءت طبعته وكأنها صورة من الأولى، إلا أنه قد شرح بعض الألفاظ الغريبة شرحا مقاربا، وراجع كثيرا من النصوص على ما بين يديه من المصادر، ودلّ على أماكن وجودها فى الكتب المختلفة، ولكنه لم يثبت اختلاف الروايات إلا قليلا.

ولئن كانت هذه الطبعة تمتاز بذلك، إن طبعة ليدن تمتاز عنها بميزة عظيمة، فقد حرص «دى غوية» كل الحرص على إثبات كل خلاف بين النسخ مهما كان شأنه، ليكون القارئ على بينة منه فيختار ما يختار ويردّ ما يرد، بذوقه الخاص، ورأيه المستقل، ولا يكون مقيدا بذوق الناشر ورأيه، فقد يكون الناشر مصوبا للخطأ أو مخطئا للصواب وهو لا يدرى، والأنظار متباينة، والأفكار متفاوتة، وفوق كل ذى علم عليم. ومن أجل ذلك لا أوافق الأستاذ على طرحه لتلك الاختلافات التى أثبتها «دى غوية» ولست أدرى لماذا تركها وهى بين يديه.

ومنهج الأستاذ شاكر فى نشر هذا الكتاب هو أنه اعتمد فى نشره على طبعة ليدن فقط، فأخذ منها وترك، ولم يرجع إلى النسخ المخطوطة فى القاهرة، وهو يعلم أن فيها نسختين وهما برقمى (٥٥٠، ٤٢٤٧- أدب) رجع «دى غوية» إلى أولاهما، ولم يرجع إلى الثانية، لأنها لم تكن فى دار الكتب إذ ذاك، وفى دار الكتب نسخة ثالثة تحت رقم (٩١٦٠- أدب) وصفت فى الجزء السابع من فهرس الدار ص


[١] مقدمة شرحه للترمذى ص ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>