للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثّالث عشر فى العكس

[العكس]

العكس: أن تعكس الكلام فتجعل فى الجزء الأخير منه ما جعلته فى الجزء الأول، وبعضهم يسميّه التبديل؛ وهو مثل قول الله عز وجل: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ.

وقوله تعالى: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ.

وكقول القائل: اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك. وقول الآخر:

اللهم أغننى بالفقر إليك، ولا تفقرنى بالاستغناء عنك. وقول بعض النساء لولدها:

رزقك الله حظّا يخدمك به ذوو العقول، ولا رزقك عقلا تخدم به ذوى الحظوظ.

وقال بعضهم لرجل كان يتعهده: أسأل الله الّذى رحمنى بك، أن يرحمك بى.

وقال بعض القدماء: ما أقلّ منفعة المعرفة مع غلبة الشهوة! وما أكثر قلة المعرفة مع ملك النفس! وقال بعضهم: كن من احتيالك على عدوك، أخوف من احتيال عدوك عليك. وقال آخر: ليس معى من فضيلة العلم إلا أنى أعلم أنى لا أعلم.

وفى معناه قول الشاعر:

جهلت ولم تعلم بأنك جاهل ... فمن لى بأن تدرى بأنّك لا تدرى

وعزّى رجل أخاه على ولد، فقال: عوّضك الله منه ما عوّضه منك- يعنى الجنّة.

وقال بعضهم: إنى أكره للرّجل أن يكون مقدار لسانه فاضلا عن مقدار علمه، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلا عن مقدار لسانه. وقال عمر بن الخطاب رضوان الله عنه: إذا أنا لم أعلم ما لم أر فلا علمت ما رأيت. وقيل للحسن بن سهل- وكان يكثر العطاء: ليس فى السّرف خير، فقال: ليس فى الخير سرف.

<<  <   >  >>