للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مما عيب من القوافى]

ومما عيب من القوافى قول ابن قيس الرقيات، وقد أنشد عبد الملك:

إنّ الحوادث بالمدينة قد ... أوجعننى وقرعن مروتيه

وجببننى جبّ السّنام فلم ... يتركن ريشا فى مناكبيه

فقال له عبد الملك: أحسنت إلّا أنك تخنّثت فى قوافيك، فقال: ما عدوت قول الله عز وجل: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ

، وليس كما قال؛ لأنّ فاصلة الآية حسنة الموقع، وفى قوافى شعره لين.

ومن عيوب القوافى أن تكون القافية مستدعاة لا تفيد معنى، وإنما أوردت ليستوى الروىّ فقط، مثل قول أبى تمام «١» :

كالظبية الأدماء صافت فأرتعت ... زهر العرار الغضّ والجثجاثا «٢»

ليس فى وصف الظبية أنها ترتعى الجثجاث فائدة، وسواء رعت الجثجاث أو القلّام أو غير ذلك من النبت، وإذا قصد لنعت الظبية بزيادة حسن قيل إنها تعطو الشجر؛ لأنها حينئذ ترفع رأسها، فيطول جيدها وتظهر محاسنها؛ كما قال الطّرمّاح «٣» :

مثل ما عاينت مخروفة «٤» ... نصّها ذاعر روع مؤام

يصف أنها مذعورة تفتح عينيها وتمدّ جيدها؛ فيبدو للعين محاسنها.

وقال زهير «٥» : وقريب منه قول الآخر:

وسابغة الأذيال زغف «٦» مفاضة ... تكنّفها منّى بجاد مخطّط

وليس لتخطيط البجاد معنى يرجع إلى الدرع، ولا إلى السيف.

ومثله قول الآخر:

أأنشر البر فيمن ليس يعرفه ... وأنثر الدر بين العمى فى الغلس

<<  <   >  >>