للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَيْظِ

[الملك: ٨] فالغيظ أمر معقول مستعار للحالة المتوهمة للنار. أجارنا الله منها.

لإرادة الانتقام بلسان الحال من العصاة.

[الوجه الثالث استعارة المحسوس للمعقول]

وهذا كقوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ

[الأنبياء: ١٨] فالقذف، والدمغ، أمران معقولان مستعاران من صفات الأجسام، والمستعار له الحق، والباطل، والجامع هو الإعدام والإذهاب ومنه قوله تعالى وَزُلْزِلُوا

[البقرة: ٢١٤] فأصل الزلزلة التحريك بالعنف والشدة، ثم يستعار لشدة ما نالهم من العذاب. ومنه قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ

[الحجر: ٩٤] الأصل فى الصدع هو الانشقاق للقارورة وغيرها. ومنه قوله تعالى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ

[آل عمران: ١٨٧] فالنبذ فى الأصل يستعمل فى إلقاء الشىء عن اليد، ثم استعير فى الأمر المعقول عنه المتناسى حاله، والجامع بينهما اشتراكهما فى الزوال عن التحفظ والإيقاظ.

[الوجه الرابع استعارة المعقول للمحسوس]

وهذا كقوله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ

[الحاقة: ١١] المستعار منه التكبر والعلو، والمستعار له هو ظهور الماء، والجامع بينهما خروج الحد فى الاستعلاء المضر، ومنه قوله تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ

[الحاقة: ٦] فالعتو مستعار من التكبر والشموخ، والمستعار له هو الريح، والجامع بينهما هو الإضرار البالغ. ومنه قوله تعالى:

تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ

[الملك: ٨] فالتميز من الغيظ استعاره، استعير للنار والجامع بينهما شدة التلهب والاضطراب كما قال تعالى: سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً

[الفرقان: ١٢] ومنه قوله تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها

[محمد: ٤] فالوضع والوزر معنيان معقولان، استعيرا للحرب وهى محسوسة.

[تنبيه]

اعلم أن فى الاستعارة ما يكون معدودا فى التهكم، وحاصل الاستعارة التهكية، أن تستعمل الألفاظ الدالة على المدح فى نقائضها من الذم والإهانة تهكما بالمخاطب، وإنزالا لقدره، وحطا منه وهذا كقوله تعالى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ

[هود: ٨٧] مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>