للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا» وقوله عليه السلام: «المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائر أعضائه بالسهر والحمى» وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الحياء من الإيمان كالرأس من الجسد» وقوله صلّى الله عليه وسلّم «الناس كأسنان المشط فى الاستواء» وقوله صلّى الله عليه وسلّم:

«مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين» وقوله: «مثل هذه الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم ينغمس فيه كل يوم خمس مرات، ما عسى أن يبقى عليه من الدرن» وقوله صلّى الله عليه وسلّم أمتى كالمطر، لا يدرى أوله خير أم آخره. وقوله عليه السلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» . وفى الحديث «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا استبشر فكأن وجهه قطعة قمر» . وفى الحديث عن النبى صلّى الله عليه وسلّم أنه «كان إذا دخل رمضان كان أجود من الريح العاصف» . وفى حديث آخر «كالريح العاصف» وقوله عليه السلام فكأنكم بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. وأما التشبيهات المركبة فهى كثيرة فى كلامه عليه السلام كقوله: إنه لم يبق من الدنيا إلا كإناخة راكب أو صر حالب، لأن التقدير فيما هذا حاله إلا كراكب أناخ راحلته أو صر حالب، والصر: وضع الخيط على ثدى الناقة لئلا يرضعها ولدها، والمراد لم يبق من الدنيا فى القلة إلا مقدار صرة، لأنه عن قريب ينقضه للحلب. وكقوله عليه السلام: فكأن قد كشف القناع، وارتفع الارتياب، وتقرير وجه التشبيه أنه شبه وضوح الأمر فى الآخرة وتحقيق الحال فيها بشىء كان مغطى فكشف قناعه، فظهر حاله، وبان أمره واتضحت حقيقته. وأكثر ما ذكرناه فى أحاديث التشبيهات المفردة يمكن إيرادها فى المركبة وهذا كقوله: مثل الصلاة كمثل نهر جار، فإن هذا يمكن أن يكون من المركبة، لأن التركيب قد قررناه من قبل أن كل ما كان من وصفين أو أكثر من ذلك، فهو مركب.

فأنت إذا تصفحت ما ورد من الأحاديث، وجدت أكثرها مركبا. وأما التشبيهات التى أضمر فيها أداة التشبيه فهى واسعة أيضا وهذا كقوله عليه السلام: «إن من فى الدنيا ضيف وما فى يده عارية، والضيف مرتحل، والعارية مردودة» فالإضمار لأداة التشبيه فى هذا سهل متيسر من غير تكلف كأنه قال الناس كالضيف فى الدنيا لسرعة انتقالهم، وما فى أيديهم من الأموال عارية، وعن قريب ترد العارية، ويأخذها مالكها. ولا يكاد يخفى التشبيه على من له أدنى ذوق وفطانة وكقوله عليه السلام «الدنيا دار التواء، لا دار انتواء، ومنزل ترح، لا منزل فرح» فأداة التشبيه يمكن إظهارها من غير تكلف، ولا تعسر كما ترى. وقد يخفى تقدير أداة التشبيه بعض خفاء فيحتاج إلى مزيد تفطن ومزيد خبرة ودقة

<<  <  ج: ص:  >  >>