للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التعريف الأول ذكره ابن الأثير،]

وحاصل ما قاله: أنه اللفظ الدال على الشىء من طريق المفهوم، لا بالوضع الحقيقى، ولا المجازى. فقوله اللفظ الدال على الشىء، عام فى جميع ما يدل عليه اللفظ من جهة النص والظاهر والحقيقة والمجاز، وقوله من طريق المفهوم، يخرج جميع ما ذكرناه، فإن دلالتها من جهة اللفظ، لا من جهة مفهومها، وقوله لا بالوضع الحقيقى ولا المجازى، تفصيل لما تقدم وبيان له وإيضاح، وليس يحترز به عن شىء آخر، ولو حذفه لجاز، هذا ملخص كلامه مع فضل بيان منا له فى القيود، ولم يذكره فى كتابه. وهذا التعريف فاسد لأمرين، أما أولا فلأن المفهوم منقسم إلى ما يكون مفهوم الموافقة، وإلى مفهوم المخالفة، فأما مفهوم الموافقة، فهو كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تضحوا بالعوراء» «١» فإنه يدخل فيه العمياء «ولا تضحوا بالعرجاء» فإنه يدخل فيه مقطوعة الرجلين من جهة مفهومه، وأما مفهوم المخالفة فكقوله عليه السلام: «لا تبيعوا الطعام بالطعام، إلا مثلا بمثل» فما لا يكون مطعوما لا يجرى فيه الربا على زعم الشافعى، فدل على أن ما عدا المطعوم بخلافه، وكل واحد من هذين المفهومين مأخوذ من جهة اللغة، ودالة عليها الألفاظ، والتعريض ليس مفهوما من جهة اللفظ كما قرر عليه كلامه، فهذه مناقضة ظاهرة، لأن قوله من طريق المفهوم، يدل على كونه لغويا، وتصريحه بأن التعريض يفهم من قصد المتكلم لا من طريق اللفظ، ينقض ذلك، وأما ثانيا فلأن قوله: «لا بالوضع الحقيقى ولا المجازى» ففضلة لا يحتاج إليها، لأن ما قبله من القيود قد أغنى عنه، ومن حق ما يكون حدا أن لا يكون فضلة، فإن زعم زاعم وقال: إن ابن الأثير غرضه بقوله هو اللفظ الدال على الشىء من طريق المفهوم، ليخرج به النص والظاهر، فإن دلالتهما من جهة المنطوق، لا من جهة المفهوم. وقوله: «لا بالوضع الحقيقى ولا بالوضع المجازى» ليخرج منه الاستعارة، فإن دلالتها من جهة المجاز على مدلولها، ويخرج منه الكناية، فإن دلالتها على ما تدل عليه من طريق الحقيقة والمجاز جميعا، بخلاف التعريض فإنه خارج عن هذه الدلالات الحقيقية والمجازية جميعا، فجوابه هو أن دلالة التعريض إنما هى من جهة القرينة، وليست من جهة المفهوم كما زعمه ابن الأثير، لأن دلالة المفهوم لغوية، ولا هى حاصلة من جهة المنظوم

<<  <  ج: ص:  >  >>