للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُطُونَ (٦٦)

[الصافات: ٦٦] ومن خواص هذا الحرف أن له من المكانة ما يكسو ضمير الشأن أبهة وبلاغة يعرى عنها إذا هو فارق ظله، ومثاله قوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ

[يوسف: ٩٠] وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ

[الحج: ٤٦] وحكى عن الأخفش أن الضمير فى «إنّها» راجع إلى الأبصار، ويكون من قبيل الإضمار قبل الذكر على شريطة التفسير.

الصورة الثالثة [همزة الاستفهام] ،

وتختلف معانيها بحسب اختلاف مواقعها، فمن وجه الاستفهام أن تستفهم عما تكون شاكا فيه، فإذا وليت الهمزة الأسماء فالشك يكون فى الفاعل، فتقول: أأنت فعلت هذا، إذا كان الشك فى الفاعل من هو، فإذا قلت: أأنت كتبت هذا الكتاب، كنت غير شاك فى الكتب نفسه، وإنما وقع الشك فى الكاتب، وتقول: أأنت قلت شعرا لمن تحقق قول الشعر، وإنما وقع شكه فى قائله، قال الله تعالى: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ (٦٢)

[الأنبياء: ٦٢] فلم يقع شكهم فى الفعل أصلا، وإنما وقع فى الفاعل، ولهذا كان جواب إبراهيم بذكر الفاعل مطابقا لما قالوه من ذلك، وهكذا قوله تعالى: لعيسى عليه السلام أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ

[المائدة: ١١٦] على جهة التقرير من جهة الفاعل، وإن وليت الفعل كان الشك واقعا فيه كقولك:

أخرجت من الدار؟ وأقلت شعرا؟ فالاستفهام إنما وقع فى الفعل كما ترى، ولهذا كان جوابه «بنعم أو لا» وهذا كله إن كان الواقع ماضيا، فأما إذا كان مضارعا فهو على وجهين، الوجه الأول منهما أن يكون للحال، ثم إما أن تكون الجملة مصدّرة بالفعل أو بالاسم، فإن صدّرت الجملة بالفعل، ومثاله أن تقول لمن هو مشتغل بالفعل أتفعل هذا، ويكون المعنى معه أنك أردت أن تنبيهه على فعل وهو يفعله موهما أنه لا يعلم كنه حقيقة وجوده وأنه جاهل به، وإن كانت الجملة مصدرة بالاسم كقولك: أأنت تفعل هذا، يكون المعنى فيه أنك تكون مقرا له بأنه هو الفاعل، وكان وجود ذلك الفعل ظاهرا لا يحتاج إلى الإقرار بأنه كائن وموجود، هذا كله إذا كان الفعل المضارع للحال ومنه قول الشاعر «١» :

أيقتلنى والمشرفى مضاجعى ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال

كأنه أراد تكذيبه وأنه لا يقدر على ما قاله ولا يستطيعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>