للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثانى أن يكون للاستقبال ثم إما أن تكون الجملة مصدرة بالفعل كقولك:

أتفعل هذا فى أمر مستقبل، ويكون معناه إنكار الفعل نفسه، وتزعم أنه غير كائن، وأنه لا ينبغى أن يكون أبدا، وإما أن تكون مصدرة بالاسم كقولك: أأنت تفعل كذا وأنت موجه الإنكار إلى الفاعل أى أنه لا يتأتى منه ذلك الفعل ولا يستطيعه، ويوضحه أنك إذا قلت:

أأنت تمنعنى عن الفعل، كنت منكرا منعه وأنه غير قادر وإنما يقدر على ذلك غيره قال «١» :

أأترك إن قلّت دراهم خالد ... زيارته؟ إنّى إذن للئيم

هكذا قرّر علماء البيان دخول الهمزة على هذه الأوجه كما ترى.

الصورة الرابعة فى [حروف النفى وهى ما، ولن، ولا، ولم]

واعلم أن لحروف النفى تعلقا بالبلاغة لما يلحقها من الأسرار القرآنية والمعانى الشعرية بحسب مواقعها ومواردها لها بالإضافة إلى الأزمنة التى تدخل عليها ثلاث حالات:

الحالة الأولى أن تكون داخلة على الفعل لنفى الأزمنة الماضية وهذا نحو قولنا: لم، ولما، فإنهما موضوعان من أجل نفى الماضى، خلا أنّ «لمّا» مفارقة «للم» من وجهين، أما أولا فلأن «لم» لنفى فعل ليس معه قد، «ولما» لنفى فعل معه قد، فلم لنفى قولنا: فعل فتقول فى جوابه لم يفعل، وأما ثانيا فلأن نفى «لما» أبلغ من نفى لم، ولهذا فإنك تقول: ندم ولم ينفعه الندم، أى نفى ندمه وتقول ندم ولما ينفعه الندم أى إلى وقته، فحصل من هذا أن نفى «لمّا» أبلغ من نفى «لم» لما قررناه والسبب فى ذلك أن «لما» أنفس فى حروفها من «لم» فلا جرم حصلت المبالغة فيها من أجل ذلك.

الحالة الثانية أن تكون داخلة لنفى الحال وهى «ما» فتقول ما يفعل زيد، وما زيد منطلقا ومنطلق، فالرفع لغة بنى تميم، والنصب فى الخبر لغة أهل الحجاز، وهى فى جميع مداخلها لنفى الحال سواء كان دخولها على الفعل، أو على الاسم رافعة للخبر أو ناصبة له، ومصداق كونها واردة فى أصل وضعها لنفى الحال، امتناع قولنا: إن تكرمنى ما أكرمك، لأن الشرط للاستقبال، فلو كانت لنفى المستقبل لجاز ذلك كما جاز فى نحو لن أكرمك إن

<<  <  ج: ص:  >  >>