للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويل، والكلام كثير. وقد أدبر من أدبر وأقبل من أقبل، فتابع من قبلك، وأقبل إلى فى وفد من أصحابك والسلام، وقال يخاطبه بالاستدراج: أما بعد فإنى على التردد فى جوابك، والاستماع إلى كتابك، لموهن رأيى ومخطىء فراستى، وإنك إذ تحاولنى الأمور، وتراجعنى السطور، كالمشتغل النائم، تكذبه أحلامه، والمتحير القائم ينهضه مقامه لا يدرى أله ما يأتى أم عليه، ولست به، غير أنه كل شبيه، وأقسم بالله لولا بغض الاستبقاء لوصلت منى إليك قوارع تقرع العظم، وتنهس اللحم، واعلم أن الشيطان قد ثبطك عن أن تراجع أحسن أمورك، وتأذن لمقال نصيحك والسلام، وقال يخاطب طلحة والزبير بالملاطفة العجيبة: أما بعد فقد علمتما وإن كتمتما أنى لم أرد الناس حتى أرادونى، ولم أبايعهم حتى بايعونى، وأنكما ممن أرادنى وبايعنى، وأن العامة لم تبايعنى لسلطان غالب، غاضب، ولا لغرض حاضر، فإن كنتما بايعتمانى طائعين، فارجعا وتوبا إلى الله من قريب، وإن كنتما بايعتمانى كارهين فقد جعلتما لى عليكما السبيل، بإظهاركما الطاعة، وإسراركما المعصية، ولعمرى ما كنتما بأحق من المهاجرين بالتقية والكتمان، وإن دفعكما هذا الأمر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بغير إقراركما به، وقد زعمتما أنى قتلت عثمان، فبينى وبينكما من تخلف عنى وعنكما من أهل المدينة، ثم يلزم كل امرىء بقدر ما احتمل، فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما فإن الآن أعظم أمركما العار من قبل أن يجتمع العار والنار والسلام، وقال أيضا يخاطب محمد بن أبى بكر لما بلغه توجده عليه حين عزله بالأشتر: وقد بلغنى موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك وإنى لم أفعل ذلك استبطاء لك فى الجهد، ولا ازديادا فى الحد، ولو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر عليك مؤنة وأعجب إليك ولاية، إن الرجل الذى كنت وليته أمر مصر كان رجلا لنا ناصحا، وعلى عدونا شديدا ناقما، فرحمه الله، فلقد استكمل أيامه، ولاقى حمامه، ونحن عنه راضون، أولاه الله رضوانه، وضاعف الثواب له، فاصحر لعدوك وامض على بصيرتك، وشمر لحرب من حاربك، وادع إلى سبيل ربك، وأكثر الاستعانة بالله، يكفك ما أهمك ويعنك على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>