للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن نضا حدّه أوسلّ عزمته ... تأخّر الماضيان السيف والقدر

من لم يبت حذرا من سطو سطوته ... لم يدر ما المزعجان الخوف والحذر

ينال بالظنّ ما يعيا العيان به ... والشّاهدان عليه العين والأثر

كأنه وزمام الدهر فى يده ... يدرى عواقب ما يأتى وما يذر «١»

وأحسن منه نظما وأرق جلدة وأدق فهما ما قال بعض المتأخرين:

يا من له الأطيبان المجد والكرم ... ومن له الماضيان السيف والقلم

ومن خلائقه كالروض ضاحكة ... فطبّعه الأحسنان الجود والشّيم

أنت الجواد وأنت البدر لا كذب ... يمحى بك الأسودان الظلم والظلم

هناك ربّك ما أولاك من نعم ... لا مسّك المؤذيان السقم والألم

وعادك الشهر أعواما مكرّرة ... ما عظّم الأشرفان البيت والحرم

فهذه الأبيات من أعجب ما يأتى فى أمثلة التوشيع، وهى من أرق الشعر وأمدحه، وأدخله فى حسن الانتظام وأفصحه.

[الصنف الرابع التطريز]

وهو تفعيل من طرزت الثوب إذا أتيت فيه بنقوش مختلفة، واشتقاقه من الطراز، وهو فارسى معرب، وهو فى مصطلح علماء البيان مقول على ما يكون صدر الكلام والشعر مشتملا على ثلاثة أسماء مختلفة المعانى ثم يؤتى بالعجز فتكرر فيه الثلاثة بلفظ واحد، ومن أمثلته ما قاله بعضهم:

وتسقينى وتشرب من رحيق ... خليق أن يلقّب بالخلوق

كأنّ الكأس فى يدها وفيها ... عقيق فى عقيق فى عقيق «٢»

وأراد بالثلاثة يدها، والكأس، والخمر، وكلها محمرة فكرر لفظة العقيق إشارة إلى ما ذكرناه، قال ابن الرومى يذم بنى خاقان:

أمور من بنى خاقان عندى ... عجاب فى عجاب فى عجاب

قرون فى رءوس فى وجوه ... صلاب فى صلاب فى صلاب «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>