للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: ما يكون خاليا عن المجاز ويكون حقيقة على الإطلاق وهذا نحو الأسماء المضمرة من نحو قولنا: هو، وهم، وهن، وأنا، ونحن، وإياك وجميع الأسماء التى أضمرت، ونحو أسماء الإشارة من قولهم ذا، وذاك، وذان وهؤلاء، ومثل الأسماء المبهمة الأسماء التى لا إبهام فوقها كالمعلوم، والمذكور والمجهول، فإن هذه الأمور كلها نصوص فيما دلت عليه ظاهرة المعانى مستعملة فى حقائقها التى وضعت لها، ولا يجرى فيها المجازات بحال، لأن كل ما وضعت له فهى حقيقة فيه، فهى وإن خرجت عن استعمال المجاز فهى باقية على استعمالها حقائق فى كل مجاريها، نعم قد يجرى المجاز فى الأعلام بالنقصان كما يقال: قرأت سيبويه، وقرأت: البويطى والمزنى، والزمخشرى، والمراد كتاب هؤلاء، وقد يجرى المجاز فى بعض المضمرات كقولنا: «نحن» فإنه حقيقة فى الجمع، وقد يقال للواحد العظيم مجازا، وقد يجرى المجاز فى أسماء الإشارة كقولك:

أعجبنى هذا الرجل، وإن كان غائبا عنك، لأن الحقيقة فيه لمن كان حاضرا بقربك.

الصورة الثالثة: لما يكون خاليا عن الحقيقة والمجاز جميعا، ويجوز ورودهما فيه بعد ذلك، وهذا هو أول الوضع فى الأصل، فإنه ليس مجازا، لأنه لم يستعمل فى غير موضوعه ولا حقيقة لأنه لم يستعمل فى موضوعه، لأنه لم يسبق بوضع فيقال: إنه قد استعمل فى موضوعه فيكون حقيقة، فلهذا خرج عن أن يكون حقيقة أو مجازا.

[الحكم الخامس]

فى اللفظ الواحد هل يكون حقيقة ومجازا على الجمع، أم لا؟ فنقول: أما بالإضافة إلى معنيين فهو كثير، ومثاله قولنا «أسد» فإن حقيقته هو الحيوان المخصوص، ومجازه الرجل الشجاع. وقولنا: «حمار» فإنه حقيقة فى الحيوان، ومجازه فى البليد، و «البحر» حقيقة فى المياه، ومجاز فى الكريم وأما بالإضافة إلى معنى واحد باعتبار وضعين، فهذا ممكن. ومثاله قولنا «دابة» فإنه حقيقة فى ذوات الأربع، ومجاز فيما عداها فإطلاقها على الحمار حقيقة باعتبار الوضع اللغوى، وهو مجاز بحسب الوضع العرفى، فأما استعمال اللفظة الواحدة مجازا وحقيقة دفعة واحدة فى وضع واحد باعتبار معنى واحد فهو محال، لاجتماع النفى

<<  <  ج: ص:  >  >>