للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يكن صبر ذى الرّزيئة فضلا ... تكن الأفضل الأعزّ الأجلّا

أنت يا فوق أن تعزّى عن الأ ... حباب فوق الذى يعزّيك عقلا

وبألفاظك اهتدى فإذا عزّا ... ك قال الذى له قلت قبلا «١»

فالبيت الآخر من هذه المقطوعة هو الذى وقع به المسخ، فانظر إلى ما بينهما من التفاوت فى الرقة واللطافة والجودة والرشاقة.

الوجه الثانى: عكس هذا وهو أن ينقل من صورة قبيحة إلى صورة حسنة، وهو معدود فى السرقات، وإن كان بعضهم لا يعده منها وهذا كقول المتنبى:

لو كان ما يعطيهم من قبل أن ... يعطيهم لم يعرفوا التأميلا «٢»

وقد أخذه ابن نباتة السعدى فأجاد فيه كل الإجادة قال:

لم يبق جودك لى شيئا أؤمّله ... تركتنى أصحب الدنيا بلا أمل «٣»

فانظر كيف أخذه عباءة وزجاجة، ثم رده ياقوتة وديباجة، فبينهما بعد متفاوت ودرجات متبانية، ومن ذلك ما قاله أبو نواس يذكر لعب الخيل بالصولجان من أرجوزة له يصف ذلك:

جنّ على جنّ وإن كانوا بشر ... كأنما خيطوا عليها بالإبر

أخذه المتنبى فأذاقه حلاوة، وأكسبه رونقا وطلاوة، قال:

فكأنما نتجت قياما تحتهم ... وكأنهم ولدوا على صهواتها «٤»

فقاتله الله، لقد تباهى فى الإعجاب، وأتى بما يدهش العقول، ويسحر الألباب، ومن ذلك ما قاله أبو الطيب أيضا وقد أنشدناه من قبل هذا:

إنى على شغفى بما فى حرها ... لأعفّ عمّا فى سرا ويلاتها «٥»

أخذه الشريف الرضى فأحسن فيه كل الإحسان قال فيه:

أحنّ إلى ما يضمن الخمر والحلى ... وأصدف عمّا فى ضمان المآذر

<<  <  ج: ص:  >  >>