للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وديباجة للبراعة، ولهذا فإنك تجد الافتتاحات فى القرآن الكريم على أحسن ما يكون وأبلغه، للملائمة المقصود بالسورة من إيقاظ كقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)

[المزمل: ١] ، يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)

[المدثر: ١] ، يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ

[النساء: ١] ، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ

[الأحزاب: ١] ، وغير ذلك، أو بشارة كقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)

[المؤمنون: ١] أو إنذار كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)

[الحج: ١] وهكذا جميع السور فإنها دالة على المقصود فى الابتداء.

[الضرب التاسع التخلص]

وهو عبارة عن الخروج إلى المقصد المطلوب عقيب ما ذكره من قبل، ومثاله قوله تعالى فى سورة المدثر: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)

[المدثر: ١- ٢] ثم تخلص بعد ذلك إلى ما هو المقصود بقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١)

[المدثر: ١١] فلما اتعظ الرسول بالأمر بالإنذار، عقبه بالوعيد الشديد للوليد بن المغيرة بقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١)

إلى آخر الآيات وهكذا فى كل سورة تجده يتخلص إلى المقصود بأعجب خلاص كما قال تعالى فى سورة النور: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها

[النور: ١] ثم تخلّص بذكر حكم الزانية والزانى إلى ما هو المقصود بعد ما قدم ما قدمه من ذكر السورة المفروضة المحكمة.

[الضرب العاشر الاختتامات]

وهو عبارة عن توخّى المتكلم ختم كلامه بما يشعر بالنجاح والتمام لغرضه، وهذا تجده فى القرآن على أحسن شىء وأعجبه، فإن الله تعالى ختم سورة البقرة، بالدعاء، والإيمان بالله تعالى والتصديق لرسله، وختم سورة آل عمران بالتنبيه على النظر فى المخلوقات والأمر بالصبر والمصابرة والمرابطة إلى غير ذلك من جميع السور، فإنك تجدها ملائمة، وتجد المطالع والمقاصد والخواتيم كلها مسوقة على أعجب نظام وأكمله، ولنقتصر على هذا القدر من تعريف ما وقع من علم البديع فى كتاب الله تعالى، وقد أشرنا إلى هذه الأساليب فى أول الكتاب بأكثر من هذا وقررناه بالأمثلة، فأغنى عن الإطالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>