للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلوب! فقال له: من أنت؟ قال: رجل من بني سعد في دية لزمتني، قال: فكم هي؟ قال: مائة بعير. قال: دونكها في بطن الوادي! سأل أعرابي رجلا فأعطاه، فقال: جعل الله للمعروف إليك سبيلا، وللخير عليك دليلا، ولا جعل حظّ السائل منك عذرة صادقة.

وقف أعرابي بقوم فقال: أشكو إليكم أيها الملأ زمانا كلح «١» فيّ وجهه، وأناخ عليّ كلكله، بعد نعمة من البال، وثروة من المال، وغبطة من الحال؛ اعتورتني شدائده، بنبل مصائبه، عن قسيّ نوائبه، فما ترك لي ثاغية أجتدي ضرعها، ولا راغية أرتجي نفعها، فهل فيكم من معين على صرفه، أو معد على حتفه؟ فردّ القوم عليه ولم ينيلوه شيئا؛ فأنشأ يقول:

قد ضاع من يأمل من أمثالكم ... جودا وليس الجود من فعالكم

لا بارك الله لكم في مالكم ... ولا أزاح السوء عن عيالكم

فالفقر خير من صلاح حالكم

الأصمعي قال: سأل أعرابي فلم يعط شيئا، فرفع يديه إلى السماء وقال:

يا ربّ ثقتي وذخري ... لصبية مثل صغار الذّرّ

جاءهم البردوهم بشرّ ... بغير لحف وبغير أزر

كأنهم خنافس في جحر ... تراهم بعد صلاة العصر

وكلّهم ملتصق بصدري ... فاسمع دعائي وتولّ أمري

سأل أعرابي ومعه ابنتان له، فلم يعط شيئا؛ فأنشأ يقول:

أيا ابنتيّ صابرا أباكما ... إنكما بعين من يراكما

الله مولاي وهو مولاكما ... فأخلصا لله في نجواكما

تضرّعا لا تذخرا بكاكما ... لعله يرحم من آواكما

إن تبكيا فالدهر قد أبكاكما