للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: سمعت أعرابيا يقول: إن لي قلبا مروعا، وعينا دموعا؛ فماذا يصنع كل واحد منهما بصاحبه، مع أن داءهما، دواؤهما، وسقمهما شفاؤهما؟

وقال أعرابي: دخلت البصرة، فرأيت أعينا دعجا، وحواجب زجّا «١» ، يسحبن الثياب، ويسلبن الألباب.

وذكر أعرابي امرأة فقال: خلوت بها ليلة يزينها القمر، فلما غاب أرتنيه قلت له:

فما جرى بينكما؟ فقال: أقرب ما أحل الله مما حرّم الإشارة بغير باس، والتقرب من غير مساس.

وذكر أعرابي امرأة فقال: هي أحسن من السماء، وأطيب من الماء.

قال: وسمعت أعرابيا يقول: ما أشد جولة الرأي عند الهوى، وفطام النفس عن الصبا؛ ولقد تقطعت كبدي للعاشقين. لوم العاذلين قرطة «٢» في آذانهم، ولوعات الحب جبرات على أبدانهم، مع دموع على المغاني، كغروب السواني «٣» .

وذكر أعرابي امرأة فقال: لقد نعمت عين نظرت إليها، وشفي قلب تفجع عليها؛ ولقد كنت أزورها عند أهلها؛ فيرحب بي طرفها، ويتجهّمني لسانها. قيل له: فما بلغ من حبك لها؟ قال: إني ذاكر لها وبيني وبينها عدوة الطائر، فأجد لذكرها ريح المسك.

وذكر أعرابي نسوة خرجن متنزهات، فقال: وجوه كالدنانير، وأعناق كأعناق اليعافير «٤» ، وأوساط كأوساط الزناببر، أقبلن إلينا بحجول تخفق، وأوشحة تعلق، وكم أسير لهنّ وكم مطلق.

قال: وسمعت أعرابيا يقول اتبعت فلانة إلى طرابلس الشام؛ والحريص جاحد،