للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كتاب الواسطة في الخطب]

[فرش الكتاب]

قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: قد مضى قولنا في الأجوبة وتباين الناس فيها بقدر عقولهم، ومبلغ فطنهم، وحضور أذهانهم؛ ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في الخطب التي يتخير لها الكلام، وتفاخرت بها العرب في مشاهدهم، ونطقت بها الأئمة على منابرهم، وشهرت بها في مواسمهم، وقامت بها على رءوس خلفائهم؛ وتباهت بها في أعيادهم ومساجدهم. ووصلتها بصلواتهم، وخوطب بها العوام، واستجزلت لها الألفاظ، وتخيرت لها المعاني.

اعلم أن جميع الخطب على ضربين: منها الطوال، ومنها القصار؛ ولكل ذلك موضع يليق به، ومكان يحسن فيه؛ فأول ما نبدأ به من ذلك خطب النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم السلف المتقدمين، ثم الجلة من التابعين والجلة من الخلفاء الماضين والفصحاء المتكلمين، على ما سقط إلينا ووقع عليه اختيارنا؛ ثم نذكر بعض خطب الخوارج؛ لجزالة ألفاظهم، وبلاغة منطقهم، كخطبة قطري بن الفجاءة في ذم الدنيا؛ فإنها معدومة النظير، منقطعة القرين؛ وخطبة أبي حمزة التي سمعها مالك بن أنس فقال: خطبنا أبو حمزة بالمدينة خطبة شكك فيها المستبصر، وردّد فيها المرتاب، ثم نسمح بصدر من خطب البادية وقول الأعراب خاصة؛ لمعرفتهم بداء الكلام ودوائه، وموارده ومصادره.

[عبد الملك وابن سلمة:]

قال عبد الملك بن مروان لخالد بن سلمة القرشي المخزومي: من أخطب الناس؟