للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الله، قد قضى نحبه، وبلغ أجله، ثم تغيّبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسّد ولا ممهّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب وواجه الحساب، [مرتهنا بعمله] ، غنيا عما ترك، فقيرا إلى ما قدّم؛ وايم الله إني لا أقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم [من الذنوب] أكثر مما عندي، فأستغر الله لي ولكم، وما تبلغنا [عن أحد منكم] حاجة يتسع لها ما عندنا إلا سددناها، ولا أحد منكم إلا ووددت أن يده مع يدي ولحمتي الذين يلونني، حتى يستوي عيشنا وعيشكم؛ وايم الله إني لو أردت غير هذا من عيش أو غضارة لكان اللسان به ناطقا ذلولا، عالما بأسبابه؛ ولكنه مضى من الله كتاب ناطق وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى عن معصيته.

ثم بكى، فتلقى دموع عينيه بردائه؛ فلم ير بعدها على تلك الأعواد حتى قبضه الله تعالى.

[خطبة يزيد بن الوليد حين قتل الوليد بن يزيد]

بقيّ بن مخلد قال: حدّثني خليفة بن خياط، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال:

حدّثني إبراهيم بن إسحق أن يزيد بن الوليد لما قتل الوليد بن يزيد قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، إني ما خرجت أشرا ولا بطرا، ولا حرصا على الدنيا، ولا رغبة في الملك؛ وما بي إطراء نفسي ولا تزكية عملي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي، ولكني خرجت غضبا لله ودينه، وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه، حين درست «١» معالم الهدى، وطفيء نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد المستحيل الحرمة، والراكب البدعة والمغيّر السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقتلع، على كثير من ذنوبكم وقسوة من قلوبكم. وأشفقت أن يدعو كثيرا من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم؛ فاستخرت الله في