للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمجّده لبلائه، وأستعينه وأومن به، وأتوكل عليه توكّل راض بقضائه، وصابر لبلائه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله إلى خلقه، وأمينه على وحيه؛ أرسله بعد انقطاع الرجاء، وطموس العلم، واقتراب من الساعة، إلى أمّة جاهلية، مختلفة أمية، أهل عداوة وتضاغن، وفرقة وتباين، قد استهوتهم شياطينهم، وغلب عليهم قرناؤهم، فاستشعروا الرّدى، وسلكوا العمى، يبشّر من أطاعه بالجنة وكريم ثوابها، وينذر من عصاه بالنار وأليم عقابها لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ

«١» .

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، فإن الاقتصار عليها سلامة، والترك لها ندامة؛ وأحثّكم على إجلال عظمته، وتوقير كبريائه وقدرته، والانتهاء إلى ما يقرّب من رحمته وينجي من سخطه، وينال به ما لديه من كريم الثواب؛ وجزيل المآب؛ فاجتنبوا ما خوّفكم الله من شديد العقاب، وأليم العذاب، ووعيد الحساب؛ يوم توقفون بين يدي الجبار، وتعرضون فيه على النار يوم لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ

«٢» ؛ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ.

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

«٣» ؛ يوم لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ

«٤» ؛ يوم لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً؛ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ

«٥» ؛ فإن الدنيا دار غرور، وبلاء وشرور، واضمحلال وزوال، وتقلّب وانتقال؛ قد أفنت من كان قبلكم، وهي عائدة عليكم وعلى من بعدكم؛ من ركض إليها صرعته، ومن وثق بها خانته؛ ومن أملها كذبته، ومن رجاها خذتله؛ عزّها وغناها فقر؛ والسعيد من تركها، والشقيّ فيها من آثرها،